سوف نجيب هنا عن السؤال: هل طفلك أمانة أم مهانة. عندما نترك الطفل لوحده بالبيت ويكون أسيرا للشاشة التي بيده فهل نتعامل معه على أنّه أمانة أم مهانة ؟
وعندما نترك الطفل مع عاملة لغتها مختلفة عن لغته وتربيتها مختلفة عن تربيته ودينها مختلف عن دينه فهل نتعامل معه على أنّه أمانة أم مهانة ؟
وعندما نركّز في تربية الطفل على طعامه وشرابه ودراسته ولعبه ولا نحرص على تربيته إيمانيا أو سلوكيا فهل نتعامل معه على أنّه أمانة أم مهانة ؟
إنّنا نعيش إهمالا تربويا لأبنائنا في بيوتنا بحجّة انشغالنا أو الاهتمام بذواتنا وشهواتنا.
ولكن المتأمّل في التوجيهات القرآنية والإرشادات النبوية يلاحظ كم هو الطفل غالى وعزيز وثمين وأنّه أمانة لابدّ من الاهتمام به رعاية وتربية.
فقد أمر الإسلام بحسن اختيار الأمّ واختيار الأب كي يحسنا تربيته.
وأمر بحفظ حقّ الطفل في النسب فحرّم الزنا حفاظا على النسل وعلى النسب.
وأمر بتطهير الرحم بالتسمية والاستعاذة أثناء المعاشرة كي لا يشارك الشيطان به.
وسمح لأمّه أن تفطر رمضان كي لا يتأذّى وهو في بطنها.
وحرّم الإسقاط (الإجهاض) حفاظا على حياته.
وحفظ حقّه بالوراثة قبل أن يولد فلا يقسم الميراث قبل الولادة حتى يعلم نصيبه.
وحفظ نسبه قطعا للشكّ بقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم الولد للفراش.
وأمر بأن تكون كلمة (الله اكبر) هي أولى الكلمات التي يسمعها لحظة ولادته كي تنطبع في قلبه.
وأمر بتحنيكه كي يخفّف عنه ألم الأسنان (والتحنيك هو سنّة وهو مضغ التمر في فم شخص صحيح غير مريض ووضعه بفم الطفل وتدليك الحنك وعادة يكون في اليوم الأوّل من الولادة).
وأمر بالتصدّق بوزن شعره عند الأسبوع ذهبا فرحا بقدومه.
وأمر بإقامة الوليمة (العقيقة ) كي يدعو الأقارب والفقراء له.
وأمر بإرضاعه حولين كاملين كي يأخذ غذاءه كاملا، وسمح للمرضع ان تفطر رمضان من أجله.
وأمر بحسن اختيار اسمه.
وأمر بحضانته عند الطلاق واعطى الأمّ حقّها في ذلك لأنّه يحتاج إليها قبل البلوغ.
وأمر بالإنفاق عليه إطعاما وإلباسا وتعليما وتطبيبا وتوعّد من يضيع حقوقه أو يهمله.
وأمر بالمساواة بين الذكر والانثى دون أيّ تفريق بينهما.
وأمر بالمساواة بين الأخوة وعدم تمييز أخ على أخيه.
وأمر بتربيته تربية صالحة وجعل ثمرة ذلك الجنة.
وأمر بتعليمه الصلاة ابن سبع وتأديبه عليها ابن عشر.
وأمر بمداعبته وبملاعبته وتقبيله واحتضانه.
وأمر برحمته ودعا على من لا يرحم أطفاله بحرمانه من رحمة الله.
وأمر بتخفيف الصلاة رحمة به كي تعود الأمّهات إلى أطفالهنّ باكرا.
وحرّم قتله خوفا من الفقر، وحرّم وأده إذا كان أنثى (يعني دفنها بالتراب وهي حيّة)، وحرّم قتله حتى لو كان من ذرّية غير المسلمين، وحرّم تفريقه عن أمّه حتى لو كانت من غير المسلمين.
وحذّر وحرّم الدعاء عليه من قبل الأهل، وأمر باحترام شخصيته وعدم تحقيره أمام الناس، ويكفي أنّه جعل الأطفال زينة الحياة الدنيا.
ولعلّ السؤال المهمّ الذي نطرحه على المربّي هو حتى تعرف نفسك وتقيّم ذاتك هل أنت ممّن يتعاملون مع الطفل على أنّه أمانة أم مهانة؟
هو كم تعطي من وقتك لطفلك يوميا؟
وهل الوقت الذي تمكث فيه مع طفلك وقت فعّال بأن تتحاور معه وتلعب معه وتعلّمه وتتعلّم منه، أم وقتك مليئ بالصراخ والعصبية والتوتّر والشتم والضرب ؟
فلو كنت تتعامل مع طفلك على أنّه أمانة فإنّه عليك أمرين : الأوّل أن تخصّص من وقتك له والأمر الثاني أن تكون متفاعلا معه عند تواجدك معه تربية وتعليما.
و هكذا نكون قد أجبنا عن السؤال: هل طفلك أمانة أم مهانة.
بقلم د. جاسم المطوع