نجيب في مقالنا هذا عن السؤال التالي: طفلي يعاني من فرط الحركة فكيف أتعامل معه؟
إبني ألاحظ عليه نقص الإنتباه وفرط الحركة، فكيف أعرف إن كان فرط الحركة عنده حالة طبيعية أم حالة مرضية؟
قلت: إنّ هناك علامات تستطيع من خلالها معرفة أنّ كثرة حركته وقوّة نشاطه أمر طبيعي، فعندما تلاحظ أنّ فرط الحركة عنده تقلّ كلّما كبر بالعمر فهذا يعنى أنّه طبيعي، والأطفال من عمر 2-4 سنوات يحبّون الإستكشاف فتجدهم دائما كثيروا الحركة، وبعض الأطفال يجمعون بين كثرة الحركة والشقاوة والذكاء الاجتماعي، وهذا طبيعي كذلك، وبعض الأطفال الأشقياء لديهم القدرة على التركيز والحركة، فتكون كثرة نشاطهم وحركتهم لعدّة أسباب، منها بسبب تقليدهم لأقرانهم أو بسبب عدم نومهم بشكل كافي، أو أنّه يتململ كثيرا أو يعاني من مشكلة صحّية مثل فرط نشاط الغدّة الدرقية، أو مشاكل بالأذن الداخلية.
أمّا فرط الحركة المرضي ونسبته بين الأطفال بالعالم 5%، فمن أعراضه الخارجية أعراض حركية: مثل أن لا يستقرّ الطفل في مكان واحد، ويحرّك أعضاء جسمه سواء في وضع الجلوس أو الوقوف، وعدم الإلتزام بالألعاب والأنشطة التي تحتاج مجهود كبير ونظام أو تذكّر عالي، وصعوبة انتظار الدور في الحديث، وأن يكون عدوانيّا وفوضويّا كأن يقوم بتخريب الألعاب، ويتضجّر بسرعة، وهناك أعراض اندفاعية: مثل مقاطعة الآخرين في اللعب والكلام بشكل مزعج، والإحباط الشديد لأتفه الأسباب.
أمّا الأعراض السلوكية والإجتماعية: مثل البطء في الفهم والاستيعاب والتحصيل الدراسي، وعجزه عن التركيز مع أيّ نشاط لمدّة كافية، أو إنجاز المهامّ المطلوبة منه مع كثرة النسيان بشكل مبالغ فيه، كما أنّه يتجنّب عمل المهامّ التي تحتاج إلى تركيز وقتا طويلا أو إلى اتّباع تعليمات، وتجده يتململ بشكل مبالغ، ويكون متهوّرا ولا مبالي وليس لديه القدرة على التعبير عن النفس، ولا يتعاطف مع الآخرين، وهناك أعراض أخرى مثل النسيان والفوضى والاندفاع بسرعة، والتصرّف قبل التفكير، والصعوبات العاطفية مثل سرعة الغضب وكثرة الإحباط.
ومن أخطاء التعامل مع الطفل الذي يعاني من نقص الإنتباه وفرط الحركة، الإهمال الزائد والتجاهل والحبس والعزل الاجتماعي والضرب، ولعلّ كثرة الضرب والصراخ أكثر ما يمارسه الآباء، وقد حذّرنا منه رسولنا الكريم عندما مرّ على أبي مسعود البدري وهو يضرب غلاما له بالسوط يقول: فسمعت صوتا من خلفي “اعلم أبا مسعود” فلم أفهم الصوت من الغضب، قال: فلمّا دنا منّي إذا هو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإذا هو يقول: “اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام، فسقط السوط من يدي من هيبته، وقلت: يا رسول الله: هو حرّ لوجه الله، فقال: أما لو لم تفعل للفحتك النار، أو لمستك النار”.
وهناك طريقتان في علاج نقص الانتباه وفرط الحركة، ففي الحالة المرضية لا بدّ من مراجعة الطبيب المختصّ لوضع الخطّة العلاجية بعد الفحص والإختبار، أمّا في الحالة الطبيعية فيكون علاجها بعمل نظام روتيني للطفل، حتّى لا يتشتّت ويركّز ويكون منجز، وإبعاد الملهيات عنه أثناء الدراسة أو تنفيذ أمر معيّن، وممارسة الأنشطة الرياضية حتّى يفرغ الطاقة الموجودة عنده، وإعطائه مسؤولية يتحمّلها فينشغل بها، وكذلك استثمار هواياته ومواهبه ليكرّس الوقت لتطويرها، وتقليل ساعات الجلوس أمام الشاشة والألعاب الإلكترونية، وأن نردّد عليه بأنّنا نحبّه حتّى لا يشعر بأنّه منبوذ فيزداد شقاوة، وعند نصحه نبتعد عن أسلوب المحاضرات عند توجيهه لأنّه لا يركّز كثيرا في كثرة الكلام، ومدحه في حالة الإنجاز مثل أن نقول له “رائع لقد أنهيت عملك بدقّة تامّة”، فهذا الجواب على سؤالك.
بقلم د. جاسم المطوع