نتكلّم هنا عن موضوعِ تربية الأولاد على الآداب الشرعية و هو موضوع مهمّ يستحقّ منّا كلّ الاهتمام و الدراسة.
أولاً: أهمّيةُ الموضوع
التربيةُ عملٌ شاقّ، وجهدٍ يحتاجُ إلى وقت، وهي مهمّةٌ ليست جديدة، وهي عملٌ فاضل وتبرزُ أهمّيةُ الكلام في هذا الموضوع في النقاط التالية:
1. الاقتداءُ بالرسول صلّى الله عليه وسلّم والصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح في تربية أتباعهم، وبمعرفةِ كيفيةِ تربيتهم لأتباعهم يتمّ التعرّف على كيفية تربيتنا لأولادنا.
2. الوضعُ الحالي للأمّة: فالناظرُ لواقعِ الأمّة يجدُ وضعاً سيّئاً لم يمرّ عليها طوالَ الأزمنةِ المتقدّمة، لقد أوشكت أن تعدم كثيرٌ من المبادئِ الإسلامية في بعض البلدان الإسلامية، وبالتربية يمكنُ معالجةُ هذا الوضع.
3. بالتربية يتمّ إيجادُ الحصانة الذاتية لدى الولد، فلا يتأثّرُ بما يقابلهُ من شهوات وشبهات، لأنَّها تقوّى مراقبته لله فلا ينتهك حرمات الله إذا خلا بها، ولا يتأثّرُ بالشهوات التي تزيّنت في هذا العصر تزيّناً عظيماً فأصبحت تأتي للمسلم ولو لم يأتها، ولا بالشبهات التي قد تطرأ على عقله.
4. التربيةُ مهمّة لتحمّل الشدائد والمصائب والفتن التي قد يواجهها الولد في مستقبل حياته.
5. التربية تهيّئ الولد للقيام بدوره المنوط به؛ دوره لنفع نفسه ونفع مجتمعه وأمّته.
6. تتبيّن أهمّيةُ التربيةِ من خلالِ وجودِ الحملةِ الشرسة لإفسادِ المجتمعِ من قبل أعداء الإسلام، فوجودُ هذه الحملة لابدّ أن يُقابل بتربيةٍ للأولادِ حتى يستطيعوا دفعها عن أنفسهم ومجتمعهم.
7. التربيةُ تحقّقُ الأمنَ الفكري للولدِ، فتبعدهُ عن الغلوّ، وتحميهِ من الأفكارِ المضادّةِ للإسلام، كالعلمانية وغيرها.
8. التربيةُ مهمّةٌ لتقصيرِ المؤسّساتِ التربويةِ الأخرى في أداء وظيفتها التربويةِ كالمدرسة والمسجد.
9. إنّ وُجود بعضُ الأمراضِ التي انتشرت في الأمّةِ سببهُ التقصيرُ في التربية أو إهمالها، فالسفورُ والتبرّجُ والمخدّرات والمعاكسات وغيرها انتشرت بسبب الإهمال في التربية أو التقصير فيها.
10. التربيةُ وسيلةٌ للوصول بالولد إلى المُثل العليا، كالإيثار والصبر وحبِّ الخير للآخرين.
ثانياً: مفهومُ التربية
تنشئةُ المسلمِ وإعدادهُ إعداداً كاملا ًمن جميع جوانبه، لحياتي الدنيا والآخرة في ضوء الإسلام، وإن شئتَ قُل: هي الصياغةُ المتكاملةِ للفرد والمجتمع على وفقِ شرع الله.
ثالثاً: جوانبُ التربية
للتربيةِ جوانب مختلفة، فُهناك التربيةُ الإيمانية، والتربية الخلقية، والتربية الجسمية، والتربية العقلية، والتربية النفسية، والتربيةُ الاجتماعية، والتربية الجنسيةِ وغيرها.
أي لابدّ أن نفهمَ أنَّ التربيةَ ليست قاصرةً على تربية الجسم فقط، وليست قاصرةً على تعريفِ الولدِ ببعض الأخلاقِ والآداب فقط، بل هي أوسعُ وأشمل من هذا.
رابعاً: المؤسساتُ التربوية
التربيةُ ليست قاصرةً على الوالدين فقط، فهناك إلى جانبِ الأُسرةِ المدرسة، وهُناك المسجدُ، وهُناك التجمّعاتُ الشبابيةِ سواءً صالحةً أم غيرَ صالحة، وهُناك وسائلُ الإعلام وغيرها، فكلُّ هذه المذكوراتِ يشارك في عملية التربية.
خامساً: الحثُّ على تربيةِ الأولاد
لقد حثَّ الإسلامُ على تربيةِ الأولاد، ومحاولة وقايتهم من النارِ فقال تعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً “، وقال تعالى : ” وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ” وقال عزّ وجلّ : ” يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ”.
ومدح عبادُ الرحمن بأنَّهم يقولون : ” رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً”.
ومن السنّة يقولُ صلّى الله عليه وسلّم: ” الرجل راعٍ في أهله ومسؤولٌ عن رعيّته، والمرأةُ راعيةً في بيتِ زوجها ومسؤولةٌ عن رعيّتها” البخاري ومسلم.
وفي الترمذي: ” لأن يؤدّب الرجلُ ولده خيرٌ من أن يتصدّق بصاع ” ضعيف .
وفيه أيضاً (الترمذي): ” ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن ” ضعيف. وفي المسند : ” مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع ” الحديث.
وعند عبد الرزاق وسعيد بن منصور : ” علّموا أولادكم وأهليكم الخير وأدّبوهم”.
وحرص السلفُ على تربيةِ أبنائِهم، وكانوا يتّخذون لهم المُربّين المتخصّصين في ذلك، وأخبارهم في ذلك كثيرة.
ولاشكَّ أنَّ للتربيةِ أثرٌ كبيرٌ في صلاحِ الأولاد؛ فالأولادُ يُولدون على الفطرةِ، ثَّمّ يأتي دورُ التربيةِ في المحافظةِ على هذهِ الفطرة أو حرفها ” كلُّ مولودٍ يُولدُ على الفطرة، فأبواه يهوّدانه، أو ينصّرانه، أو يمجّسانه ” ، والولدُ على ما عوّدهُ والده.
وينشأُ ناشئُ الفتيـانِ منـَّا *** على ما كان عوَّدهُ أبـوه
وما دان الفتى بحجىً ولكن *** يعوِدهُ التديّن أقربوه
والولدُ في صغرهِ أكثرُ استقبالاً واستفادةً من التربية.
قد ينفعُ الأدبُ الأولادَ في صغرٍ *** وليس ينفعُهم من بعـده أدبُ
الغصـونُ إذا عدلتها اعتدلت *** ولا يلينُ ولو لينتـهُ الخشب
فالولدُ الصغير أمانةً عند والديهِ إن عوّداهُ الخيرَ اعتاده، وإن عوّداهُ الشرَ اعتاده.
سادساً: كيفية تربية الأولاد
1. اختيارُ الزوجةِ الصالحة، والزوج الصالح:
اختيارُ الزوجةِ الصالحة أو الزوج الصالح، هو الخطوةُ الأولى للتربية السليمة، وتَعرفون حديث : ” إذا أتاكم من ترضون دينهُ وخُلقه فزوّجوه” , وحديث ” فاظفر بذات الدين تربت يداك”.
2. الدعاءُ بأن يرزقهُ اللهُ ذريّةً صالحة، وهذا قبلَ أن يُرزقَ بالأولاد ” ربّ هب لي من الصالحين”.
3. التسميةُ عند الجماعِ للحديث ” لو أنّ أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهمّ جنّبنا الشيطانَ وجنّب الشيطان ما رزقتنا، فإنَّهُ إن قُضي بينهما ولدٌ لم يضرّه الشيطان أبدا.
4. ما يفعلهُ إذا رُزق بمولودٍ من مثل: الأذانُ في أذنِه وتحنيكه وحلقُ رأسه، واختيارُ الاسم الحسن له، والعقيقةُ عنهُ وختانه.
5. الدعاءُ للأولاد بالصَّلاحِ بعد وجودهم، وقد كان الأنبياءُ يهتمّون بذلك، فإبراهيمُ يقول : ” وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ “، ” رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي”، ” رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً” ويقول زكريا: ” رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ”.
6. عدم إخافةَ الصبيّ بالجنّي والظلام و الحرامي، لاسيما عند البكاء.
7. تمكينهُ من أن يُخالط الآخرين، إذا لم يُخشى عليه منهم.
8. عدمُ إهانتهِ وتحقيرهِ خُصوصاً أمامَ إخوته وأقاربه أو الأجانب.
9. ألا يُنادى بألفاظٍ غير طيبةٍ كـ يا غبيّ.
10. تنبيههُ للخطأِ برفقٍ ولين، وعدمُ معاقبته إذا أخطأ أوّل مرّة.
11. الاعتدالُ في محبّةِ الولدِ، بأن تُشعرهُ بمحبّتهِ مع عدم التدليل الزائد.
12. أخذُ الاحتياطات عند قدومِ الطفل الجديد.
13. يُسمحُ للطفلِ الأكبر بمساعدةِ أمِّه في إحضارِ ملابس الطفلِ الجديد، ويُسمح له بمُداعبته حتى لا يحقدَ عليه.
14. تحقيقُ العدلِ بين الأولاد.
15. عدمُ السماحِ للابن أو البنت بلبسِ البنطلون بعد عمر السابعة تقريباً.
16. فصلُ البناتِ عن البنين كلٍّ في غرفةٍ مستقلّة، أو التفريقُ في المضاجعِ إن كانوا في غرفةٍ واحدة.
17. أن يُعلّمَ الاستئذانَ عند الدخولِ على والديهِ وخصوصاً في غرفةِ النوم.
18. إذا كان الولدُ ينامُ عند والديهِ فليحرصا أشدَّ الحرصِ على ألاَّ يراهُما في اتصالٍ جنسي ولو كان صغيراً.
19. لا تظهر الأمُّ أمامَ أولادها وقد أبدت عن مفاتنها، بارتداءِ ثيابٍ قصيرةٍ أو شفّافة، ولا تُلبس بناتها ذلك.
20. تعويدِ الولدِ على غضِّ البصر.
21. لا يرى أختهُ أو تراهُ في الحمام، ولا يدخلا الحمام جميعاً.
22. تعويدهُ على عدمِ كشفِ عورته، وعدمِ السماحِ للآخرين بمشاهدتها.
23. عدمُ السماحِ له بالدخولِ إلى النساءِ في الأعراسِ والأسواق النسائية إذا كان ذكراً.
24. لا يُسمح له بمشاهدةِ الأفلامِ والصورِ الخليعةِ والمجلاتِ الهابطة، أو قراءةَ القصص الغرامية.
25. غرسُ العقيدةِ والإيمانِ في نفسه؛ وذلك بما يلي:
أ- تعليمهُ أركانَ الإيمان وأركان الإسلام، والإيمان بالأمورِ الغيبيةِ، كالقبرِ ونعيمه وعذابه، وأنّ هناك جنّة ونار.
ب ـ تنميةُ المراقبة لله عنده ” يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ”.
ج ـ لفت انتباهَهُ إلى قُدرةِ اللهِ المطلقةِ في كلِّ شيء.
إذا رأى البحرَ قال: من خلقه؟ من الذي خلقَ الجبالَ العظيمةِ والحيوانات الكبيرة ؟ وهكذا.
د ـ تنميةُ محبّةِ اللهِ وخوفهِ في نفسه، وذلك بإسداءِ كلِّ نعمةٍ إلى اللهِ، والتحذيرُ من عقابِ الله، والتخويفُ منه.
هـ ـ على الأعمالِ الصالحة، بتعليمهِ الصلواتِ والقرآن، والخشوعُ فيهما والأذكار ونحو ذلك.
و ـ قراءةُ بعض آياتِ وأحاديث الترغيبِ والترهيب، وشرح ما يتيسّر.
ز ـ تسجيلهِ في حلقةٍ من حلقِ تحفيظ القرآن، ومتابعتهِ في ذلك.
ح ـ اصطحابهُ لزيارةِ المقبرة، أو زيارة المستشفى.
26. غرسُ الأخلاقِ الحميدةِ في نفسه:
أ ـ يربّيهِ على الصدقِ والأمانة، والاستقامةِ والإيثار، ومساعدةِ المحتاج، وإكرامِ الضيف، وغير ذلك من الصفات الحميدةِ المعروفة.
ب ـ يربّيهِ على تجنّبِ الأخلاق الرديئةِ من مثل الكذب، والسبِّ والشتائم والكلمات القبيحة.
ج ـ قراءةُ بعضِ الأحاديثِ التي تُرغّبُ في مكارمِ الأخلاق وتنهى عن سفاسفه.ا
27. تربيتهُ على مُراعاةِ حقوقِ الآخرين:
فيُربّى على مُراعاةِ حقوقِ الوالدين، فلا يمشي أمامَهما ولا يناديهما بأسمائهما مجرّدةً هكذا، بدونِ كلمةِ أمّي أو أبي، ولا يجلسُ قبلهما، ولا يتضجّرُ من نصائحهما، ولا يُخالفُ أمرهما، ولا يبدأُ بالطعامِ قبلهما، وأن يدعو لهما ولا يرفع صوته أمامهما، ولا يقاطعهما أثناء الكلام، ولا يخرجُ إلا بإذنهما، ولا يزعجهما إذا كانا نائمين، ولا يمدُّ رجليه عندهما، ولا يدخلُ قبلهما، ويُلبّي نداءَهما بسرعة، إلى غيرها من الآداب مع الوالدين.
وأُنبّهك أيَّها الوالدُ إلى نقطةٍ وهي :لا تربطُ احترامُ ولدك لك بكثرةِ ما تعطيه، وإنَّما اربطهُ بحقكَ عليه الذي شرعه الله.
بعضُ الأمّهات تطلبُ من ولدها أن يحترم أباهُ تقولُ: هو الذي اشترى لك وفعل وفعل ….
كما يربّيهِ على صلةِ الرحم، وحقِّ الجارِ، وحقِّ المُعلم، وحقّ الصديق، وحقِّ الكبيرِ ونحو ذلك.
28. تربيتهُ على التزام الآداب الاجتماعية، فيراعي آداب الطعام وآداب السلام وآداب الاستئذان وآداب المجلس وآداب الكلام وغيرها من الآداب، وليس المجال مجال ذكر هذه الآداب، فبإمكانك الرجوع إلى الكتب ومعرفتها.
29. تربيتهُ على الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكر؛ ويتمّ ذلك بالتغلّبِ على الخجلِ والخوف.
30. تهيئةُ المدرسةِ الصالحة، والرفقةُ الصالحة، والتعاونُ معهما في تربية الولد.
31. تربيتهُ على الثقةِ بالنفس، بتعويدهِ الجرأةِ والشجاعةِ والصراحة، وإعطاؤهُ حرّيةَ التصرّفِ، وتحمّلُ المسئوليةِ، وممارسةُ الأُمور على قدرِ نموّه، وأخذُ رأيهِ ومشورتهِ، وتعويدهُ على أنَّهُ لا يلزمُ أن يُؤخذ باقتراحهِ أو رأيه.
32. التربيةُ على التضحيةِ لهذه الأمّة، واحتسابُ الأجرِ عند الله.
33. التربيةُ على ضبطِ النفسِ عند الغضب، وتجنّبهِ أسبابَ الغضبِ إذا كان صغيراً حتى لا يصبحَ الغضبُ له عادة.
34. مراعاةُ استعداداتِ الولد: فبعضُ الأولادِ قد لا ينجحُ في الدراسة، فإذا كان الأمرُ كذلك فوجِّههُ إلى ما يمكنُ أن يحسنه، بعضُ الآباءِ يجعلُ نجاحَ الابنِ وفشله متوقّفاً على نجاحهِ وفشله في الدراسة فقط، فالدراسةُ عندهُ هي الطريقُ الوحيدِ للنجاح والفشل، ولاشكَّ أنَّ هذا خطأ، فرُبما يفشلُ الابنُ في الدراسةِ ولكنَّهُ ينجحُ في شيءٍ آخر، فلابُدَّ أن تراعى استعدادات الابن.
35. تجنيبهِ الميوعةِ والانحلال والتخنّث.
36. تعويدهِ على الاخشوشان وعدمُ الاستغراق في التنعّم.
37. تحذيرهُ من التقليدِ الأعمى.
38. نهيهِ عن استماع الموسيقى والغناء.
39. ملءُ فراغه بما ينفعه.
40. اختيارُ الأصدقاءِ الطيّبين له.
41. تعليمهُ سيرةَ الرسول صلّى الله عليه وسلّم وسيرة السلف الصالحِ للاقتداءِ بهم.
42. تعليمه ما يحتاجه من العلوم الشرعية والقصائد الأدبية الجميلة.
43. تعليمهُ أحكامَ البلوغ؛ فتعلّم ابنك الاحتلامُ وما يترتّبُ عليه، والأمُّ تُعلم بنتها أحكامَ الحيضِ، إنّنا نسمعُ كثيراً أسئلةً من بناتٍ حضنَ ولم يُخبرن أهليهنَّ، فحصلَ منهنَّ أخطاء، كأن تطوفُ أو تصومُ وهي حائض، ثم تسأل ماذا عليها الآن بعد أن كبُرت، ولو أنَّ الأمّهات انتبهن لهذهِ النقطةِ لكان عند البنتِ المعرفةِ المسبقةِ بهذا الحيضِ وأحكامه.
44. الكشفُ للولدِ عن مخطّطاتِ أعداءِ الإسلام.
45. الإشادةُ بحضارةِ الإسلامِ، وبثَّ روحُ الشوقِ عند الولدِ لإعادتها.
46. تعويدُ الولدِ على حفظِ الوقت.
47. التدرّجُ في التأديب.
48. إيجادُ التصوّراتُ الصحيحةِ عند الولد؛ فهُناك مفاهيمٌ يجبُ أن تُفهمَ الفهمُ الصحيح، إذ إنَّ الفهمُ الخاطئ لها يوقعُ في الخلل، ومن ذلك مفهومُ العبادةِ التي يحصرها كثيرٌ من المسلمين في العبادات التي لا يتعدّى نفعها إلى غير فاعلها، وهذا لاشكَّ أن هذا خطأ، فالعبادةُ أشملُ من هذا، فالأمرُ بالمعروفِ والنهي عن المنكر عبادةً وليس تدخلاً في حُرّيات الآخرين، بعضُ الآباءِ إذا رأى ابنهُ يأمرُ بالمعروف أو ينهى عن المنكر، قال له: مالك وللناس عليك بنفسك فقط.
49. إيجادُ القناعاتِ المتأصّلةِ في النفس بالمعتقداتِ والأفكار الإسلامية، من مثل الحجاب، فتقتنعُ البنتُ به، وأنَّهُ إنِّما ترتديه امتثالاً لأمرِ الله، لا تقليداً للأُمّهات، وإذا كان الشيءُ المأمورُ به شرعا،ً إنَّما يُعملُ تقليداً فقط، ويجعلُ من العاداتِ والتقاليد فقط، فإنَّه سرعان ما يترك.
وعندما أقولُ ما سبق، لا أقصدُ أنَّهُ يلزمُ أن يقتنعَ المسلمُ بتعاليم الله، وتدخلُ مزاجهُ وعقله، لا؛ لأنَّ اللهَ سُبحانه هو الذي شرع هذه التعاليم، وهو أعلمُ بما يصلحُ للناس، وليس الناسُ بعقولهم القاصرة يحكمون على هذه التعاليم، ومدى صلاحيتها لنا.
وإنَّما الذي أقصدهُ، أن يعملها الإنسانُ وهو يعلمُ أنَّها من الله، وأنَّهُ يعملها لله لا لغيره.
50. حثُ البالغين على الزواجِ قدر المستطاع، وتذليلُ عقباته، فإن لم يكن فيحثّون على الصيام.
51. إبعادُ الأولاد عن المثيرات الجنسية.
52. تقويةُ الصلةِ بينك وبين ولدك، حتى تجعلهُ يعدّكَ صديقاً له، بالإضافةِ إلى كونك أباً، وهذا يتمُّ بالبشاشةِ معه، وممازحتهُ، وبما سبق أن ذكرنا من النقاط السابقة.
53. عدمُ إغداقِ المال عليه، بحيثُ يتوفّر له المحرّمات، وعدمُ التقتيرِ عليه بحيث يضطرُ إلى السرقة.
54. الانتباهُ للسيارةِ وشرائها له، إذ قد تكون سبباً لانحرافه.
55. أحذر التناقض عندهم، ووفِّ لهم بما تعدهم به.
56. جالسهم، واسمع لهم، وأشعرهم بأهمّيتهم.
57. عاقبهم إذا لزم الأمر.
58. إعانتهم على برِّك.
59. لا تُجبر ولدك على أن يكون مثلك في الوظيفة، أنت عسكري فلابُدَّ أن يكون هو كذلك.
60. لا تبثّ فيهم روحَ الخوفِ من المستقبل، وتحصرَ الرزق في الوظيفة، ولا يعني هذا إهمالُ توجيههِ وإرشاده إلى أهمّيةِ الدراسة.
أريدُ أن أهمس في أذنكَ همسةً قبل أن أنتقلَ إلى الفقرةِ التالية، وهي :أنت تُحبّ أن يصلحَ أولادك ويبرّوك، فإن أردت برّهم لك فبرّ بوالديك.
سابعاً: بم يتمُ الوصولُ إلى التربية ؟:
أو ما الوسائلُ التي نسلُكها لتحقيق الأشياءِ المذكورةِ سابقا ؟
لتحقيق ما سبق نحتاجُ إلى ما يلي:
1. القدوةُ الحسنة : وهي من أقوى وسائلُ التربية تأثيراً؛ وذلك لأنَّ الولدَ ينظرُ إلى مربّيهِ وماذا يعملهُ ويستفيدُ من فعله أكثر من قوله، فالولدُ إذا رأى مربّيهِ ينهاهُ عن شيءٍ ثمّ يفعلهُ، كيف ينتهي الولد عن هذا؟ والمفترضُ أن يكونَ المربّي قدوةً لمن يربّيهم، فمثلا: إذا أذَّنَ أسكت للترديد مع المُؤذّن، وبسرعةٍ توضّأ، وخذهم معكَ للصلاة، إذا كلمَّ أحدهم في الهاتفِ لا تقُل لهم قولوا إنّي غيرُ موجودٍ، فتعوّدهم على الكذب.
والقدوةُ تكونُ في الأبوين، وفي الرفقةِ الصالحةِ، وفي المعلّم.
فإذا كان أولئكَ قدوةً صالحةً لمن يُربّونهم، أنتجت تربيتهم إنتاجاً سليماً صالحاً، وأمَّا إن كانوا بالعكس، ويُخالفُ قولهم فعلهم فلن يستفيدَ المُتربّي منهم شيئاً إلا التناقض، وكذلك القدوةُ تكونُ في الأخِ الأكبر، ولذا ينبغي التنبّهُ للمولودِ الأوّل، فيهتمُ بتربيتهِ اهتماماً كبيراً، لأنَّهُ سيكونُ قدوةً لأخوته الذين يأتون من بعده.
2. المراقبة والملاحظة: ينبغي ألا يغفلَ الوالدُ عن ولدهِ، بل يلاحظهُ ويراقبهُ دون أن يشعر الولدُ، سواءً كان الولدُ ابناً أو بنتاً، فيراقبُ ذهابهُ للمدرسةِ ورجوعه منها، ويراقبُ كتبهُ ومكتبته، وأدراجهِ وغيرَ ذلك، وليكُن هذا بشكلٍ سرّيٍ جداً،ولا أقصدُ بالمراقبةِ أن تكون مجهراً على تصرّفاتهما، ولكن المطلوبُ عدمُ الغفلةِ، وأيضاً أن تكونَ المراقبةُ عن بعدِ دون أن يشعر الولدُ بهذا.
3. التحذير: يحذّرهُ من المعاصي على مختلفِ أنواعها التي يمكنُ أن يقعَ فيها، ويحذِّرهُ من الشرِّ وأهله، وأسبابِ الوقوع فيه، وأساليبُ أهلهِ في إيقاع غيرهم فيه، كأن يُحذِّر ابنتهُ عندما تسمع معاكساً أن تردَّ عليه، أو أن تفتحَ لهُ مجالاً ليكلّمها، بل تُعلّم أن تُغلق السمّاعةَ مباشرة.
4. التلقين: بأن يُلقّنهُ مثلاً السورِ من القرآن، وبعضَ الأحاديثِ والأدعية والأذكار، وماذا يقول لوالديهِ إذا رآهما؟ وماذا يقولُ للضيفِ إذا قدم وهكذا؟
5. التعويد: أن يعوّدهُ على ما يُريد؛ يعوّدهُ أنَّهُ يُبكر إلى الصلاة، يعوّدهُ على أنّ الاثنين يصام، يعوّدهُ مثلاً على القيام قبل الفجر ولو قليلاً، يعوّدهُ على أنَّهُ يقرأُ القرآن يومياً وهكذا.
6. الترغيبُ والترهيب: بأن يُشجّعه أحياناً بالكلمة الطيّبة، وبالهدية أحياناً، وقد يلجأُ إلى ترهيبهِ وإخافتهِ من فعل شيءٍ أو ترك شيء.
7. الموعظة: يعظهُ بأسلوبٍ جيّد، كأن يبدأَ بالاستعطاف؛ يا بُنيّ ويا بنتي، وربَّما يقصُّ عليه قصّةً فيها عبرةٌ وعظة، وربَّما يستعملُ معه السؤالُ والجواب؛ كأن يقولَ ألا تريدُ الجنّة، ألا تخافُ من النار، ويمكنهُ أن يغتنمَ المناسبات، ويستفيدَ من المواقف، كأن يرى زحاماً شديداً فيذكّرهُ بالقيامةِ، أو يراهُ فرحاً بنتيجةِ الامتحان فيقولُ له مثلاً : وإن شاء الله ستفرحُ في الآخرة أيضاً مادُمت تُطيعُ الله، وهكذا، وينبغي الاقتصادُ في الموعظة وعدمُ الإكثارُ منها لئلا يملَّ الولد.
8. القراءة : سواءً تقرأ عليهِ وعلى الأسرةِ شيئاً مفيداً من مثل سيرةَ الرسول صلّى الله عليه وسلّم وسيرةَ السلف الصالح، أو بعضَ القصصِ المُفيدةِ ونحو ذلك، أو هو يقرأُ بتشجيعٍ منك، وتوفيرٌ للكتب.
9. زرعُ مراقبةِ الله في نفسه: حتى يشعرُ أنَّ عليه رقيباً في كلّ أحواله، وبهذا يعملُ العمل الجميل ولو لم ترهُ، ويتجنّبُ العمل القبيح ولو لم تره.
10. العقوبة: قد يلجأُ إليها المُربّي بعد أن يستنفدَ التوجيهَ والإرشادُ والوعظُ والهجر، وهذا الضربُ يراعى فيه التدرّجُ من الأخفِّ إلى الأشدّ، وأن لا يُعامل الولد دائماً بالعقوبة، وألا يعاقبَ من أوّلِ زلّة، وألا يجعلَ عقوبات الأخطاء متساويةً مع اختلاف الأخطاء صغراً وكبراً، بل لابُدَّ أن تختلفَ العقوبة من خطأ لآخر، ثمّ يتجنّبُ المواضعَ الخطرةِ كالرأس والوجه، وأيضاً لا يوكّلُّ مُهمّةَ الضربِ لغيرهِ، كأن يجعلَ أخاهُ الأكبرُ هو الذي يضربه، لأنَّ هذا يزرعُ بينهم العداوةَ والبغضاء، ثمّ إذا استقام الولدُ على الطريق فليلزم أن يبسط له الوالد، ويهشّ لهُ، ويتلطّفُ معهُ، ولا يستمرّ على غضبه عليه.
11. معرفةُ طبيعة المراهق، وكيفية التعاملُ معه.
ثامناً: أخطاءٌ في تربيةِ الأولاد:
هُناك بعضُ الأخطاءِ التي يرتكبُها بعضُ المربّين في تربيتهم لأولادهم، نمرُّ على شيءٍ منها بشكلٍ سريع، من هذه الأخطاء:
1. الطردُ من البيت.
قد يلجأُ بعضُ الآباءِ للتخلّصِ من أذى ولده وعدم طاعتهِ له بأن يطردهُ من البيت، ويتوعّدهُ بأن لا يقتربَ من البيت، ويقولُ : مادمتَ أنّك لا تُطيعني، ومادمت عاصياً للهِ، فاذهب إلى من تشاء، فأنا لستُ بأبيك، وأقولُ هذهِ الطريقةُ هل هي صحيحة في هذا الزمن ؟
أيَّها الأخوة:
لنُقارنَ بين مفسدةِ جلوسهِ في البيتِ مع استمرارِ نُصحهِ وتحذيرهِ، وبين مفسدةِ طردهِ من البيت.
إذا طُرد من الذي سيؤويه ؟ بالتأكيد أنّ الذي سيؤويهِ أصدقاؤهُ الأشرار، وهل هؤلاءِ الأصدقاء سيلومونه ويوبّخونهُ على أنَّهُ عصى والديه، وعصى قبل ذلك ربَّهُ حتى استحقّ الطرد ؟
الحقيقة أنَّهُ إن لم يجد التشجيعُ منهم فلن يجدَ منهم التقريع، وإذا كان معهم فلا شكَّ أنّ معاصيه ستزيد، قد يتعرّفُ على المخدّرات بدلاً من شربهِ الدخان الذي كان يضايقك، سيتعرّفُ على السفرِ للخارج، سيتعرّفُ على السرقةِ إذا احتاج للنقود.
أيَّها الأخوة:
إنَّ هذا العصرُ ليس كسابقه، في العصرِ السابق عصرُ الآباءِ والأجداد، لو طُردَ الولدُ من البيت فلن يذهب بعيداً عن قريته، لعدم توفّرِ وسائل المواصلات، ولو وُجدت وسيلةُ مواصلات فلن يجدَ من يحملهُ إلاّ بنقودٍ ولا يملكُ هو هذه النقود، فيبقى في القريةِ، وإذا وُجد في القرية فسيجدُ من يؤنّبهُ ويقرعه، ولا يجدُ من يؤويهِ ممّا يسبّبُ له الجوعُ لأنَّهُ لن يجدَ من يطعمهُ، فكلّ عاجزٌ عن نفسه ومن يعول، فكيف يعولُ الآخرين ؟ ولذلك فإنّ طردهُ في هذه الحال سيجدي ويعطي نتيجةً بخلافِ العصر الحاضر.
وإذا عرفت هذا عرفت السبب الذي من أجلهِ يقترحُ كبارِ السنّ على أولادهم، أن يطردوا أولادهم من البيت إذا كانوا عاقِّين، لأنَّهم يَقيسون هذا العصر على العصر السابق.
2. تدخّل الآخرين في تربيةِ الوالد لولده.
كأن يسمح الوالدُ بتدخّلِ الجدِّ في تربيةِ الولد، نعم الجدُّ لهُ حقّهُ واحترامهُ، ولابُدَّ أن يُربّى الولدُ على طاعتهِ ومحبّتهِ واحترامهِ وإجلاله، لكن تدخّلُ الجدِّ قد لا يُعطي نتيجةً حسنة، وذلك لأنَّ الجدَ سيعطيك تجاربهُ وخبراته السابقة، التي قد لا تُناسبُ هذا العصر؛ مثلاً: الجدُّ يرى أنَّ الوسيلةَ الوحيدةِ لإصلاحِ الولد هي ضربهُ وعدمُ إعطائِه شيئا وهذا خطأ.
لكن لابُدَّ من التنبّهِ إلى شيءٍ، وهو أنّ هذا الكلامُ لا يعني أن نلغي دور الجدِّ تماماً، لا، بل ليكن الاستفادةَ منهُ في الأشياءِ الصحيحة، كأن يُربّي حفيدهُ على الكرمِ الذي كان موجوداً سابقاً في عهدهم أكثر من وجوده الآن، وعلى حُبِّ مساعدةِ الآخرين، ونحو ذلك من الأخلاق التي تستفادُ من الجدّ.
3. السفرُ بعيداً عن الأولاد، خصوصاً في فترةِ المراهقة.
وربَّما يذهبُ بسببِ الانتداب من قبلِ العمل، أو يذهبُ مثلاً إلى مكّة في رمضان ويتركُ أولاده، وربَّما يوكلُّ إلى غيرهِ مهمّةُ التربية، كأن يقولُ للأخ الأكبرِ انتبه لأخوتك، وهذا خطأٌ من الوالد.
إنَّ وجودَ الوالد ليس كعدمه، وهيبتهُ ليست كهيبةِ غيره، وربما في سفرك يتعرّفُ أولادُكَ على أنواعٍ من المفاسد التي لا ترضاها، ولا تكتشفها أثناءَ وجودك القصير عندهم.
4. عدمُ فتح المجال للولدِ للترفيه والالتحاق مع شبابٍ صالحين.
يريدهُ دائماً في البيت، أو دائماً معه في السيارة، ورُبما ذهبَ به إلى زملائِه الكبار، الولدُ لا يرتاحُ إلا لمن هُم في سنّه، وهذا ليس عيباً فيه، ولذلك فعليكَ أن تختارَ لولدك الرفقة الصالحة، التي تُعينُ ولدك وتدلّهُ على الخير.
5. إرسالُ الولد للخارج بحجّةِ الدراسة، مع أنّه لم يتزوّج، وهذا لاشكّ أنَّهُ خطأ إذ فيه خطرٌ على الولد، فهو إن لم ينحرف في المجتمعِ المفتوح التي تنتشر فيه المعاصي، فسيُعاني من الضغطِ الرهيبِ عليه في هذا المجتمع؛ فإذا رأى منظراً مثيراً للشهوةِ أين سيصرفها؟ هل سيعصي اللهَ أم يكبتها؟ وحصول هذا وهذا مضرٌّ به..
6. الاستهتارُ برأي الولدِ وعدم الاهتمام به.
بل رُبما أحياناً قد يقولُ لهُ: حتى أنت بدأت تتكلّمُ ويكون لك رأي، الرأي الأوّل والأخير لي.
نعم يا أخي: لك الرأيُ والاحترام، لكن عوِّد ابنك على إبداءِ رأيه واحترامه، ولا يلزم أن يكون رأيُ الابن هو الصائب، لكن على الأقلّ يشعرُ أنَّ لهُ أهمّية.
7. أمرهُ بالسكوتِ عند الرجال.
وهذا أحياناً قد يكونُ مفيداً إذا كان الولدُ صغيراً ولا يحسنُ الكلام، أو عندما لا يُطلبُ منه الكلام، أو لا يجدُ فرصةً للكلام فيقاطع الآخرين، لكن عندما يجدُ فرصةً للكلام دون مقاطعةِ الآخرين، وبالأخذِ بآداب الكلام، فلماذا يُمنعُ من الكلام ؟
8. أمرُ الآباءِ أبناءَهم الذكور بعدمِ رفعِ سمّاعةَ الهاتف إذا كانت الأمُّ قريبةً من الهاتف، وهذا فيه تحطيمٌ لشخصية الابن.
9. تحقيرُ أمّهِ والاستهتارُ بها وهو يسمع.
لأنَّهُ في هذه الحالةِ إمَّا أن يكرهك لأنَّكَ احتقرت أُمّه، وأنت في موضعِ قوّةٍ وأُمّهُ ظهرت في موضعِ ضعف، ويظهرُ له أنَّها المظلومة، أو أنَّهُ يكتسبُ هذه الصفةُ منك، فلا يحترمُ أُمّه، وبالتالي فلا يطيعها في سبيلِ تربيته، فتكونُ أنت الخاسر إذا فقدت مساعدةَ الأمّ في تربيته.
10. تعييرهُ بأخواله.
كأن يتندّرَ الأبُ بأخوالِ ابنهِ، ويتّهمهم بعدمِ الرجولةِ ونحو ذلك، وهذا خطأٌ وينطبقُ عليه الكلامُ السابق.
11. عدمُ احترام أصدقائِه، وإذا كلّموا في الهاتف قال لهم: إنّ فلاناً غيرَ موجود، مع أنَّ الابن يسمعُ هذا، إن كانوا أصدقاءَ سُوءٍ فنعم، وتُخبر الولد بسببِ تصرّفك هذا، وتقنعهُ بهذا الأسلوب.
وبالنسبةِ للبنت تُعلم وتُقنع بأنّ إطالةَ الكلام في الهاتف مع صديقاتها غير جيّد، وتُحذّر من هذا بأسلوبٍ حكيم، كأن يقولُ: يا ابنتي، عندما تطيلين المكالمةِ رُبَّما يُكلّمنا أحدٌ فيجدُ الخطَّ مشغولاً، ظنَّ أنّ هُناك من يُغازلُ بهذا البيت، فيؤذينا بالاتّصال وهكذا.
12. استخدامُ الضربِ مع أولِّ زلّةٍ أو خطأ دون توجيه وإرشاد.
13. توحيدُ الضربِ في أيّ خطأ.
والمفترضُ أن يكون لكلِّ خطأٍ ما يناسبه من الضرب.
14. استمرارُ هجرهِ بعد أن صلحت حالهُ أو قدَّمَ اعتذاره.
15. تركُ إيقاظهِ للصلاة وإهمالهِ بحجّةِ هجره.
16. المفاضلةُ بين الأولاد.
وذلك بالمقارنةِ السيّئةِ بينهم، كأن يصفَ أحدهم بالذكاءِ والآخر بالغباء، أو يهتمُّ بأحدهم ويهملُ الآخرين، فهذا مثلاً يُعطى ويُداعب ويُقبّل ويُحمل والآخر لا، أو بالإعفاءِ عن هفوةِ الولد المحبوب ومعاقبة الآخر.
17. الكذبُ على الطفلِ بحجّةِ إسكاته من البكاءِ، أو لترغيبهِ في أمر.
كأن يقول: اسكت وأذهبُ بك إلى المكان الفلاني، وأشتري لك الشيء الفلاني، ولا يفي بذلك فيعُوّدُ الطفلَ على الكذب وإخلاف الوعد.
18. الدفاعُ عن الولدِ بحضرته.
كأن تُدافعَ الأمُّ عن ولدها عندما يلومُهُ أبوهُ، وتقولُ هو أفضلُ من غيره، هذا الكلامُ لا يصلحُ عندما يكونُ الولدُ يسمع.
19. المبالغة في إحسانِ الظنِّ بالولد:
ممّا يُؤدي إلى الغفلةِ عنه.
20. المبالغة في إساءةِ الظنِّ بالولد:
ممّا يجعلهُ رُبَّما تجرّأَ على المعصية.
تاسعاً: مظاهرُ غير مرغوبةً في الأولاد:
هذه المظاهرُ إمَّا أن تكون غيرَ مرغوبةً شرعاً أو غير مرغوبة طبعاً، من هذه المظاهر:
1. الخوفُ والجبن: بحيث لا يصعدُ للدورِ الثاني إلا ومعهُ أحد، ولا يستطيعُ أن ينامَ إلاَّ والنورُ مفتوح، وهذا قد يكونُ بسببُ إخافةِ أُمّهِ له عند بكائِه بالجنّي أو الحرامي، أو يكونُ السبب الدلالُ الزائد له.
2. الشعورُ بالنقصِ بسببِ كثرةِ التحقيرِ له وإهانته، أو بسبب عاهةٍ جسديةٍ فيه، أو بسببِ عدمِ تحميله المسؤوليةِ وتعويده على الثقة بالنفس.
3. الخجل: بحيث لا يجرؤُ على الكلامِ ولا يُطيق مشاهدة الأجانب، ولذا يُعوّدُ الطفلُ على الاجتماع بالناسِ، ويُمكن أن يأخذهُ أبوهُ معهُ في زيارةِ الأقارب.
والخجلُ أيَّها الأخوة غير الحياء ؛ فالحياءُ محمود، وأما الخجلُ فهو انكماشُ الولدِ وانطواؤهِ عن ملاقاةِ الآخرين، وليس من الخجلِ أن تعودَ الطفلُ على عدمِ مقاطعةِ الكبير، أو تعوّدهُ على عدمِ الجرأةِ على المعصية.
4. سرعةُ الغضبِ : يغضبُ الولدُ لأيِّ سبب، والذي ينبغي أن يُجنّب الولدُ الغضبَ في بدايةِ حياته حتى لا يصبح لهُ عادة.
5. عدمُ احترامِ العاداتِ والتقاليدِ التي اعتاد أهلها عليها وليست مخالفةً للشرع.
6. الحسدُ لإخوته: وذلكَ لأنَّهُ يخافُ أن يفقدَ دلالهُ وامتيازاته إذا ما جاءَ مولودٌ جديد، أو لتفضيل إخوته عليه.
7. الميوعة : وهذه من أقبحِ المظاهرِ التي انتشرت، تجدُ الابنُ يتخنفس في مظهرهِ، ويتخلّعَ في مشيتهِ، ويتميّع في منطقه.
8. عقوقُ الوالدين : وقد انتشرت في هذا العصر، فعدمُ تلبيةِ طلبات الوالدين، وعدمُ احترامهم وتقديرهم أصبح شيئاً معتاداً عند بعض الأولاد.
أحياناً تجدُ الأب عندهُ ضيوفٌ وقد تعبَ في استقبالهم، وإحضار القهوة والشاي ونحو ذلك، والولد إمَّا مع أصدقائهِ أو عند المباراة أو نائم.
عموماً ليس المجالُ هُنا مجالٌ للكلام عن هذه الظاهرة، وإنَّما هي إشارةٌ سريعة.
9. عدمُ حفظِ الفرج:
سواءً وقوعهُ في زنا أو لواطٍ أو العادة السرّيةِ، وهذا ناتجٌ عن قوّةِ الشهوةِ عند الشابّ، وما يتعرّضُ لهُ من مثيراتٍ جنسية، من أفلامٍ وصورٍ، بل وحقيقةً من وجودِ نساءٍ سافرات، وأحياناً معاكِساتٍ على الهاتف.
10. الكذب: بعضُ الأولادِ يكذبُ ويُكثر من ذلك، وقد يكونُ والداهُ سبباً في ذلك، إمَّا بأن يكون قدوةً لهُ في ذلك، أو لأنَّهما يضطرّونهُ إلى ذلك، كأن يعتادَ منهما أنَّهما يُعاقبانه عقاباً عسيراً على كلِّ شيء، فيضطرُ إلى الكذبِ تهرّباً من ذلك.
11. السبُّ والشتمُ : تجدُ بعضُ الآباءِ يعوّدُ ولدهُ على ذلك منذُ الصغرِ، فيقولُ للصغيرِ سبّ واشتم هذا، وذلك ليضحك الآخرين ويستملحُ ذلك.
وقد يكتسبها الولدُ من والديه، إذا كانا سبّابين أو شتَّامين، وقد يكتسبها من رفقائهِ أو أصدقائه.
12. السرقة: إذا وجدت معه شيئاً غريباً فاسألهُ ما مصدره، وحاول أن تُحقّقَ معه بطريقةٍ جيّدة، من الذي أعطاك هذا ؟
13. التدخين: وهي عادةٌ ضارّةٌ مالياً وبدنياً، يسقطُ بها الولدُ لإهمال الوالدين وللرفقة السيّئة، وأعظم منها السقوطُ في المخدّرات، وهي مثلُ التدخينِ من ناحيةِ أسبابها، فإهمالُ الوالدين، والرفقةُ السيّئةِ لها الدورُ الكبير في ذلك.
14. السهرُ بالليل والنومُ في النهار خصوصاً في الإجازات.
15. حُبُّ التسيّب والتسكّعِ في الأسواق، وكثرةُ الدوران على السيارة.
16. المعاكساتُ الهاتفية و في الأسواق.
عاشراً: أسبابُ انحرافِ الأولاد:
1. الإهمالُ في تربيةِ الولد أو التقصيرِ فيها، أو الخطأ في طريقة التربية.
فإمَّا إن يُهملَ الوالدان تربيةَ ولدهما ويتخلّيان عن ذلك، أو التقصيرُ في تربيتهِ أو يُخطئا في طريقةِ التربية، كأن يحتقراهُ أو يُهيناه، أو يتعرّضُ للدلال الزائد فيسبّب له فقدان الرجولةِ، وضعفُ الثقةِ بالنفس، أو يرى المفاضلةَ بينه وبين إخوته، ممّا يُولّدُ عندهُ الحسدَ والكراهية، والانطواءَ والعقدُ النفسية.
2. النزاعُ بين الوالدين وكثرةُ الشجار بينهما ممَّا يُضايقُ الولد، لأنَّهُ لم يجد في البيت الراحةُ النفسية، والحنان العاطفي.
3. الطلاقُ: لأنَّ تَساعُدَ الوالدان في التربيةِ له دورٌ عظيم، أمَّا إذا انفردَ أحدُ الطرفين بذلك صعُب نجاحهُ وان لم يكن مستحيلاً، ومثلُ الطلاق اليتم.
4. اليتم: وهو قد يكون أشدُّ من الطلاق، لأنَّ في الطلاقِ قد يوجدُ عنده والدهُ وهو أكثرُ هيبةً من أُمّهِ، أمَّا اليتيمُ فلا.
ولا يعني أنَّ وجودَ حالةُ الطلاق أو اليتم، يعني بالضرورةِ انحرافُ الولد، لا، فكم من عالمٍ من عُلماءِ المسلمين نشأ يتيماً، وإنَّما المقصودُ أنَّها قد تُسببُ الانحراف.
5. الفقر: أحياناً قد يكونُ سبباً للانحراف، لأنَّ الوالدَ مشغولٌ بلقمةِ العيش، وأيضاً الولدُ قد ينحرفُ بسبب بحثهِ عن المالِ، كأن يسرق مثلاً.
6. رفقاءُ السُوء: وهم من أقوى أسبابَ الانحراف.
7. البطالةُ والفراغ: يتركُ الدراسةَ ويتركهُ والداهُ دون عمل، وهذا يضرّهُ ضرراً كبيراً.
إنّ الشباب والفراغ والجدة *** مفسدة للمرء أيّ مفسدة
8. القدوةُ السيّئة: سواءً كان هذا القدوةِ الوالدين أو المعلّم أو الرفقة.
9. مظاهرُ الفتنةِ والإغراء.
سواءً في الأفلامِ أو المجلات، أو شبكات الإنترنت، أو حتى الواقع، وهذه أيضاً من الأسبابِ القويةِ للانحراف.
عموماً أيَّها الأخوةُ:
أيَّها الآباءُ والأمّهات، نُناشدكم أشدَّ المناشدة بالاهتمامِ بتربيةِ أولادكم، وابذلوا كلَّ ما تستطيعون لأجلِّ ذلك، فلو لم يأتكم من تربيتهم إلاَّ أن تكفّوا شرّهم، وتبرأَ ذممُكم لكفى.
أيَّها الأخوة ُ:
الموضوعُ طويلٌ وتصعبُ الإحاطةُ به، ولكن كما قيل يكفي من القلادةِ ما أحاطَ بالعنق..
اسألُ الله سُبحانه وتعالى أن يُصلحَ نيّاتنا وذريّاتنا، ” وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً “.
اللهمَّ أقرّ أعيننا بصلاحِ أولادِنا وأزواجنا وأقاربنا وإخواننا المسلمين.
بقلم الشيخ عبد الرحمن بن عايد العايد
المصدر: شبكة نور الإسلام