سوف نجيب هنا عن تساؤل بعض الوالدين: ابني لا يسمع كلامي فما الحل. كثير من الآباء والأمّهات يشتكون أنّ أبناؤهم لا يسمعون كلامهم، ويوجّهون أصابع الإتّهام للأبناء بينما قد تكون المشكلة في الوالدين وليس في الأبناء.
وفي الغالب الطفل عندما يرفض الإستجابة لطلبات والديه يكون لديه سبب خاصّ به، ولكن الطفل في الغالب لا يحسن التعبير عن أسباب رفضه لعدم قدرته على التعبير أو لعدم فهمه لمشاعره وذاته وكيفية التعامل مع مشاعره.
فمن أسباب عدم استجابة الطفل لتوجيهات الوالدين العناد.
وفي الغالب لا يكون العناد هو المقصود وإنّما العناد سلوك يختاره الطفل لتوصيل رسالة للوالدين، مثل أنّه يريد أن يقول بأنّه صار مستقلاّ أو غير مقتنع بالتوجيه لأنّ التوجيه جاءه من غير معرفة بيان السبب أو لاعتراضه على معاملته التي يراها تختلف عن معاملة إخوانه وهكذا.
فعندما نعرف السبب الدافع ونعالجه يستجيب الطفل لتوجيهات الوالدين.
وقد يكون السبب هو تعارض الأمر مع رغبته أو مع الوقت الترفيهي الذي يقضيه وهو مستمتع به.
فهو لا يقصد رفض توجيه الوالدين وإنّما هو عنده رغبة أخرى في هذا الوقت مثل اللعب أو الأكل أو الراحة أو غيرها من الاحتياجات النفسية.
وقد يكون سبب رفض الطفل وجود خلافات بين الوالدين.
وقد مرّت عليّ كثير من المشاكل لهذا السبب، فيكون الطفل منزعج من الخلافات الكثيرة بين الوالدين أو الصراخ الدائم في البيت أو الإهمال الوالدي للبيت والأبناء أو وجود عنف جسدي بين الوالدين فيشاهد الضرب المتكرّر بين الوالدين فيكون الطفل منزعج فيعبّر عن انزعاجه برفضه لحياته الأسرية و لتوجيهات الوالدين.
وقد يكون الرفض سوء فهم أو عدم تعبير الوالدين عند التوجيه تعبيرا واضحا وسليما.
وفي الغالب توجيهات الوالدين تصدر بلغة الأوامر وليس الحوار وهذا مزعج جدّا للأطفال.
أو قد يكون السبب في رفض التوجيه تقليد أخوه الذي يرفض التوجيه فيقلّده في الرفض.
فهذه مجموعة أسباب توضّح رفض الطفل لتوجيه الوالدين وكلّ سبب يمكن أن يعالج بطريقة مختلفة.
فلو كان الوالدين كثيري الخلاف فيتّفقا على أن لا يكون الخلاف أمام الأبناء.
ولو كان السبب سوء الفهم ففي هذه الحالة لابدّ أن يطوّر الوالدين أسلوبهما في الحوار مع الأبناء ليكون الحوار واضحا ومفصّلا فيشعر الأبناء بالاحترام والتقدير، وهكذا.
وهناك حلول أعمق لهذه المشكلة منها أن يكون الوالدين حازمين عند التوجيه من غير دلع ولا خوف على الطفل.
فعندما يلاحظ الطفل أنّ الحزم مستمرّ من الوالدين فإنّه يكون منضبطا وملتزما بالتوجيه.
والحل الثاني لابدّ من وجود قوانين واضحة في البيت مثل مواعيد الطعام ومواعيد النوم ومواعيد اللعب ومواعيد الصلاة والذكر وقراءة القرآن ومواعيد الزيارة ومواعيد الإنترنت ومواعيد الترتيب والتنظيم ومواعيد الدراسة وهكذا.
فإنّ مثل هذه القوانين تعلّم الطفل الجدّية والنظام واحترام التوجيه.
والحلّ الثالث وجود نظام للثواب والعقاب، فنعطي الطفل مكافأة لو التزم ونحاسبه ونأدّبه في حالة المخالفة أو التقصير مع مراعاة عمره ونفسيته وحالته الصحّية والجسدية.
والحلّ الرابع في حالة لو رفض التوجيه فإنّنا نغيّر أسلوبنا معه ثمّ نطلب منه نفس الطلب فإنّه سيستجيب.
فمثلا لو قلنا له تناول طعامك الآن فرفض، فيمكنني أن أغيّر أسلوبي معه وأقول له تريد أن تأكل طعامك الآن أو بعد نصف ساعة فأعطيه الخيار.
ففي هذه الحالة سيستجيب لأنّه شعر بأهمّيته في أتّخاذ القرار، فتغيير الأسلوب يغيّر موقع الطفل من رافض للتوجيه إلى متعاون ومنفّذ.
وفي الختام نقول إنّ الضرب والصراخ لا يغيّر سلوك الطفل وإنّما نحن أمرنا برحمة الطفل عند تربيته وتوجيهه، فقد قال رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم: ليس منّا من لم يرحم صغيرنا.
و هكذا نكون قد أجبنا عن تساؤل بعض الوالدين: ابني لا يسمع كلامي فما الحل.
بقلم د. جاسم المطوع