سنتناول هنا 7 قصص في حوار الأب مع ابنه بالقرآن.
من يتأمّل القصص العائلية بالقرآن الكريم يجد أنّ للآباء دورا تربويّا وتوجيهيّا تجاه أبنائهم، وأنّ التربية ليست فقط مسؤولية الأمّ.
فالأمّ تحمل وتلد وترضع وتربّي والأب يساعدها في التربية حسب ظروفه ووقته.
سأذكر بهذا المقال 7 مواقف وقصص ذكرت بالقرآن بين الأب وابنه تبيّن أنّ للأب دورا كبيرا في التربية.
القصّة الأولى: في الحوار بين نوح عليه السلام وابنه عندما رفض أن يركب معه بالسفينة، وكانت نهاية القصّة أن غرق الابن بسبب عدم طاعته لوالده وأنّه رفض أن يتّبع منهجه ودينه.
القصّة الثانية: هي قصّة الذبح عندما طلب إبراهيم عليه السلام من ابنه إسماعيل أن يذبحه حسب الرؤيا التي رآها في المنام، ورؤيا الأنبياء حقّ ووحي من الله، فاستجاب له ابنه وعوّضه الله تعالى بكبش أنزله من السماء فداء عنه ومكافأة لطاعة والده، وصار الذبح للكبش سنّة في عيد الأضحى إلى يوم القيامة تكريما لقصّة برّ الوالدين هذه.
القصّة الثالثة: ليعقوب عليه السلام مع أبنائه عندما أخذوا أخيهم يوسف عليه السلام وتخلّصوا منه، والقصّة طويلة تبدأ من المؤامرة التي تآمر فيها الإخوة على أخيهم يوسف، وأخذه وإلقائه بالجبّ، ثمّ عودتهم لأبيهم بعمل مشهد تمثيلي بأنّ الذئب أكله وهم عنه غافلون، واستمرّ يعقوب في علاقته مع أبنائه ليقوّم سلوكهم هذا، وكانت النتيجة بعد طول فترة عندما ظهر يوسف عليه السلام مرّة أخرى، بأنّهم تابوا واعتذروا من فعلتهم الخاطئة.
القصّة الرابعة: في حوار لقمان مع ابنه وهو حوار مليء بالحكم والتوجيهات التربوية العظيمة، والتي تستحقّ أن تدرّس في المناهج التربوية، بدأ بتوجيهه لعبادة ربّه وحده وعدم الشرك به، ثمّ التوصية بالوالدين ومهارة التعامل معهم بأدب واحترام، والتعريف بعلم الله تعالى ورقابته وقوّته وقدرته وأنّ الله لطيف خبير، وتوجيه الابن للصلاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصبر على ما يصيبه من شدّة وأزمات، وأن لا يمشي بالأرض متكبّرا وإذا تكلّم يتحدّث بصوت منخفض.
القصّة الخامسة: في طلب إبراهيم عليه السلام من ابنه إسماعيل أن يساعده في بناء بيت الله بمكّة، برفع قواعد البيت والدعاء ب: ” ربّنا تقبّل منّا إنّك أنت السميع العليم “، وفيها المشاركة بين الأب وابنه في العمل والاتّفاق على مشروع مشترك يتعاونان فيه، وهذا ما نسمّيه بالصداقة التربوية.
القصّة السادسة: في حوار بين الوالدين وابنهما العاقّ لهما، وهما يحرصان على أن يكون مؤمنا و يستغيثان الله بدعوته للإيمان ولكنّه رافض، ويعتقد بأنّ ما يعتقدان به من إيمان من الموروث القديم وذلك في قوله تعالى: ” والذي قال لوالديه أفّ لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إنّ وعد الله حقّ فيقول ما هذا إلّا أساطير الأوّلين “، فهذا نموذج للحوار الأبوي مع الابن وهو يعاملهم معاملة سيّئة بقوله ” أفّ لكما “.
القصّة السابعة: في أب يحذّر ابنه من الحقّ وذلك في قصّة إبراهيم عليه السلام في حواره مع أبيه بدعوته بعبادة الله وحده، وأن لا يعبد الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر ولا تغني عنه شيئا، ووالده يرفض دعوته ويدعوه لعبادة الأصنام وإذا لم يتوقّف فإنّه يرجمه ويهجره فيردّ عليه ابنه إبراهيم عليه السلام: ” سلام عليك سأستغفر لك ربّي إنّه كان بي حفيّا “.
كلّ هذه القصص فيها عبر كثيرة لا يسع المقال لذكرها، ولكنّنا أحببنا أن نذكرها لبيان أهمّية دور الأب التربوي بالتنسيق مع الأمّ، وأنّ التربية ليست مسؤولية الأمّ وحدها.
المصدر: د. جاسم المطوع