هل تعلم أنّ 57 % من الآباء يضربون وجوه أبنائهم.

ما هو تفسيركم لآباء وأمّهات لا يؤيّدون ضرب الأبناء لكنّهم يضربون أبنائهم؟ 

وما هو تفسيركم لآباء عندما نسألهم هل تعتقدون أنّ الضرب مفيد فيقولون لا، ثمّ يضربون أبنائهم ؟ 

فعلى الرغم من قناعاتهم بعدم فائدة الضرب إلّا أنّهم يضربون، ثمّ يحزنون ويندمون على ضربهم لأبنائهم، وبعدها يضربون ويضربون على الرغم من ندمهم على عنفهم. 

ماذا تقولون عن هؤلاء الآباء؟ وما هو حكمكم عليهم؟ 

واضح أنّ التناقض عندهم بين القناعة والتطبيق وبين المبادئ والتنفيذ، وقد اكتشفت هذا التناقض بشخصية الآباء والأمّهات عندما عملت استبيان للمتابعين، وسألت الآباء والأمّهات عن ضرب أبنائهم، فشارك أكثر من مائة ألف متابع وكانت الأسئلة كالتالي:

السؤال الأول: وكان موجّه للآباء والأمّهات، هل تعرّضت للضرب في طفولتك ؟ فأجاب 70 بالمائة منهم “نعم” و30 بالمائة منهم “لا”، وهذا يدلّ على أنّ أكثر الآباء والأمّهات الذين يضربون أبنائهم اليوم، كانوا آباؤهم يضربونهم وهم صغار، وكأنّ الضرب صار ميراثا تربويا لهؤلاء.

أمّا السؤال الثاني فواضح منه أنّ الوالدين ليس لديهم القدرة على ضبط انفعالهم وإدارة غضبهم، والسؤال: هل ترى من الخطأ ضرب طفلك إذا أخطأ؟ فأجاب 79 بالمائة “نعم” و 21 بالمائة “لا”، وإجابة الوالدين على هذا السؤال تدلّ على أنّ المشكلة عند الوالدين وليس الأبناء، فخطأ الطفل أمر طبيعي لأنّه صغير بالسنّ وغير ناضج، ولكن الخطأ الكبير باستخدام الضرب والعنف في تقويم السلوك، أعظم من خطأ الصغير.

أمّا السؤال الثالث: فكانت إجابة الآباء مفاجأة لي، وكان السؤال هل ضربت ابنك على وجهه؟ فأجاب 57 بالمائة “نعم” و43 بالمائة “لا”، وواضح من الإجابة على هذا السؤال أنّ الآباء يحتاجون للتربية أكثر من الأبناء، وإلّا ماذا يفيد ضرب الوالدين وجه الطفل؟ وما علاقة وجه الطفل بالخطأ الذي يرتكبه الطفل؟ بالإضافة إلى الإثم الذي يناله الوالدين، لوجود نصوص صريحة بعدم ضرب الوجه للكبير والصغير، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم “إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فإنّ الله خلق آدم على صورته”. 

فتخيّلوا معي أنّ النبيّ عليه السلام ينهى عن ضرب الوجه في القتال فكيف في التربية؟ 

فضرب الوجه يأثّر على الدماغ وعلى الجهاز العصبي وقد يتسبّب “بمتلازمة هزّ الطفل”، فيحدث عنده اضطرابات في النشاط الكهربائي بالمخّ، واضطرابات بالرؤية والسمع، وقد يؤدّي للوفاة ببعض الحالات، فقد عرضت على قضيّة أمّ ضربت طفلها حتّى مات.

أمّا السؤال الرابع: فقد كان من يضرب أكثر الأمّ أم الأب، وكانت الإجابة أنّ الأمّ تضرب أكثر من الأب بنسبة 75 بالمائة والأب 25 بالمائة. 

أمّا أغرب إجابة فقد كانت على سؤال هل تشعر بالندم بعد ضرب ابنك، فأجاب 57 بالمائة “لا” و 43 بالمائة “نعم”، فاستغربت من النتيجة التي تبيّن قسوة الآباء، وعدم مبالاتهم بنفسية أبنائهم. 

فالضرب له سلبيات كثيرة، منها أنّه يضعف شخصية الطفل ويقلّل أهمّية قيمة برّ الوالدين، ويزعزع ثقة الطفل بنفسه، ويترك آثار جسدية عليه، ويجعل الطفل عدواني معادي لوالديه وللمجتمع، وفاقد السيطرة على انفعالاته مثل والديه، كما أنّ الضرب ليس بالضرورة يعالج سلوكه الخاطئ. 

وقد طرحت سؤالا على الآباء وهو هل لاحظت زيادة عدوانية ابنك بعد ضربه ؟ فأجاب 61 بالمائة “نعم” و39 بالمائة “لا”.

فخلاصة التصويت يفيد أنّ الآباء يحتاجون لتربية أكثر من الأبناء، وأنّنا بحاجة لإرشاد وتوعية في كيفية ضبط الانفعالات والغضب، بالإضافة إلى التدريب على المهارات الصحيحة في تربية الأبناء، حتّى نحسن التعامل مع هذه الأمانة التي أودعها الله عندنا.

بقلم د. جاسم المطوع

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.