جمعت في هذا المقال 11 خطأ تربويّا: هل نرتكبها مع أبنائنا؟

إنّ التربية فنّ وعلم ومهارة، ولكّننا في كثير من الأحيان نربّي أبنائنا على موروث تربوي خطأ، أو نتصرّف مع أبنائنا كردّة فعل سريعة أساسها الغضب والعصبية، وتكون النتيجة دمارا تربويّا للأبناء لا نشعر به إلّا بعد فوات الأوان. 

وكم من حالة سيّئة تربويّا رأيتها بسبب الاجتهاد الخطأ للوالدين. 

فالتربية علم نتعلّمه ومهارة نتدرّب عليها وفق منهج سليم وقواعد تربوية ثابتة، ولهذا أنزل الله تعالى القرآن الكريم كمنهج تربوي لتزكية النفوس وإصلاح المجتمع، وجاءت السنّة النبويّة والسيرة العطرة معينة للمربّين في المنهج العملي التفصيلي لعلاج المشاكل التربوية، ثمّ تأتي من بعد ذاك الخبرات والتجارب الحياتية في عالم التربية.

 ومن يتأمّل واقعنا التربوي داخل البيوت يجد أنّه بعيد كلّ البعد عن هذه المصادر الذهبية الثلاثة للتربية المتميّزة. 

وقد كتبت أحد عشر خطأ تربويّا لاحظتها كثيرا في المشاكل التي تعرض عليّ وفي الغالب يقع فيها الوالدان:

الخطأ الأوّل: مراقبة أولادنا الدائمة كمراقبة الكاميرات المعلّقة في البنوك والشركات التي تعمل 24 ساعة في الليل والنهار، وهذا السلوك يؤدّي إلى سلبيات تربوية كثيرة، منها “عدم الثقة وقلّة الاحترام والتلاعب في تنفيذ التوجيهات”، والصواب أننّا نراقب أبناءنا بين فترة وأخرى، أو أن تكون المراقبة عن بعد من غير أن نشعرهم بأنّنا نراقب تحرّكاتهم.

الخطأ الثاني: أن نتدخّل في كلّ تفاصيل حياة أبنائنا، في ملابسهم وطعامهم ولعبهم وحتى في ذوقهم، وهذا ينتج عنه شخصية مهزوزة وضعف في اتّخاذ القرار، وفي هذه الحالة سيتعوّد على الاعتماد على والديه بكلّ شيء، والصواب أنّنا نترك لهم حرّيّة الاختيار مع التوجيه اللطيف. 

ومن الغرائب أنّني رأيت رجلا مسنّا يتّصل بأمّه ليسألها عن نوع الملابس التي يلبسها أو ماذا في حقيبة السفر.

الخطأ الثالث: إعطاء الاهتمام المبالغ فيه للطفل الوحيد أو المريض مرضا مزمنا، وهذا يؤدّي لتمرّد الطفل على والديه وعدم استجابته للتوجيهات والأوامر من والديه، بالإضافة إلى تكبّره عليهم واغتراره بنفسه، وقد رأيت حالات كثيرة من هذا الصنف فقد فيها الوالدان السيطرة على ولديهما.

الخطأ الرابع: إجبار الأطفال الصغار على العبادات بالقوّة والشدّة.. فهذا يسبّب كرها للدين ونفورا من العبادات.

أعرف أبا يضرب ابنه البالغ من العمر ستّ سنوات إذا لم يقم لصلاة الفجر، فصار هذا الولد يصلّي أمام والديه فقط، وكأنّ هذا الأسلوب التربوي يربّي الأطفال على النفاق.

فتحبيب الأبناء بالدين فنّ ومهارة وقد قال عليه السلام: إنّ هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق.

الخطأ الخامس: كثيرا ما نتّهم أبناءنا بارتكاب الأخطاء معتمدين في ذلك على أحاسيسنا ومشاعرنا من غير أن نتأكّد أو نتثبّت من صحّة ارتكابهم للخطأ، فنستعجل في الاتّهام والعقوبة ثمّ نكتشف أنّنا مخطئون. 

وهذا السلوك يهدّد الثقة في العلاقة الوالدية ويزيد من كراهيتهم لنا، وفي حالة وقوعنا في هذا الخطأ لا بدّ من الاعتذار منهم عن الخطأ الذي وقعنا فيه، فتكون فرصة لنعلّمهم الاعتذار عن الخطأ أو الاستعجال في الحكم.

الخطأ السادس: كبت رغبة أبنائنا في التجربة والاكتشاف.

أعرف أمّا دخلت المطبخ فوجدت ابنتها تصنع الحلوى وقد بعثرت أدوات المطبخ، فأمطرتها بوابل من اللوم والانتقادات والصراخ وطردتها من المطبخ. 

وكان المفروض أن تتحاور معها وتشجّعها وتدعم تجربتها، فكلّ الأطفال يحبّون التجربة والاكتشاف، وعلينا أن نستثمر ذلك في تنمية مواهبهم وتشجيع إبداعاتهم.

الخطأ السابع: إنّ بعض الآباء يريدون أن يحقّقوا في أبنائهم ما عجزوا عن تحقيقه في صغرهم ولو كان ذلك خلاف رغبتهم وقدراتهم. 

وإنّي أعرف أمّا ضعيفة في اللغة الإنجليزية فعوّضت نقصها هذا بأبنائها، واليوم هي نادمة على قرارها لأنّ أبناءها لا يحسنون قراءة اللغة العربية ولا حتى القرآن الكريم. 

وأعرف أبا عوّض ضعفه في حفظ القرآن بأبنائه، فالزمهم بالحفظ اليومي ولم يراعي تفاوت قدراتهم فكانت النتيجة عكسية وكره أبنائه الدين كلّه.

الخطأ الثامن: الحماية الزائدة للأبناء تنتج عنها شخصية خائفة ومتردّدة وغير ناضجة، ليس لديها طموح وترفض تحمّل المسؤولية، بل ويكون من السهل انحرافها للسلوك السيّئ. 

والصواب أن نكون متوازنين مع أبنائنا من خلال إظهار الحماية وإخفائها بين الحين والآخر. 

فالأساس في التربية أن يقف الطفل على قدميه بعد زمن لا أن يكون تحت حماية والديه طوال عمره.

الخطأ التاسع: التفرقة في المعاملة بين الصبيّ والفتاة، وهذه نجدها كثيرا في مجتمعنا على مستوى الصغار والكبار. 

والصواب المعاملة العادلة بينهما حتى لا نفكّك الأسرة ونزيد الكراهية بين الإخوان بسبب الاختلاف في الجنس ونركّز على مفهوم “إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم”.

الخطأ العاشر: التفتيش في ملابس الأبناء والتجسّس على هواتفهم وأجهزتهم، فإنّ ذلك يدمّر العلاقة الوالدية ويعدم الثقة، والصواب أن نستأذنهم قبل التفتيش أو أن نتّفق معهم على نظام للتفتيش.

الخطأ الحادي عشر: الاستهتار بمشاعر الأبناء كالتحدّث أمام الأهل أو الأصدقاء، مثل: “ابني يتبوّل بفراشه” أو “ابني لديه تأتأة في النطق” وهذا يترك أثرا سلبيّا على نفسية الطفل، وقد تزداد حالته أو يعاند والديه منتقما من الفضيحة.

فهذه أحد عشر خطأ تربويّا يكثر ارتكابها في البيوت، ونكرّر ما ذكرناه بأنّ التربية فنّ ومهارة وعلم.

المصدر: د. جاسم المطوع

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.