سوف نتناول باب الخوف عند الأطفال الذي نشرح من خلاله أسباب الخوف وطرق علاجها، بالإضافة إلى الأساليب التي قد يستخدمها الوالدان دون قصد لتخويف الطفل وأثرها على نفسية الطفل، ثمّ نقترح بعض الحلول للحدّ من الخوف لدى الأطفال وحثّهم على التعبير عن مشاعرهم.

ما هو الخوف؟

الخوف، كما تمّ تعريفه في كتاب الأطفال المزعجون؛ هو حالة شعورية يصاحبها انفعال نفسي وبدني تنتاب الطفل عند شعوره بالخطر.

ويكون مصدر هذا الخطر داخلياً: من نفس الطفل، أو خارجياً: من المخاوف المكتسبة من البيئة المحيطة به.

وهنا يجب علينا كوالدين معالجة مخاوف الطفل باستمرار؛ فقد يتحوّل الخوف اللامنطقي إلى خوف مرضي “فوبيا“.

هذا الخوف المرضي يتضمّن العديد من المخاوف الشائعة لدى الأطفال.

مثل: الخوف من الحيوانات أو الخوف من الغرباء، الخوف من الطبيب أو الحقنة، الخوف من المواقف غير المألوفة، والعديد من المخاوف الأخرى التي يكتسبها الطفل خلال سنوات عمره الأولى، والتي قد تكبر معه وترافقه خلال حياته اللاحقة، إن لم نقم بمساعدة الطفل عبر ملاحظة هذه المخاوف ثمّ العمل على علاجها والتخلّص منها.

إضافة إلى ذلك، أنّ الخوف ينتج في الغالب من أساليب الشدّة التي تمّ اتّباعها مع الطفل خلال سنوات عمره الأولى (0 – 3) سنوات.

وغالباً ما يرافق الطفل بل ويستمرّ معه حتى مراحل عمره المتقدّمة.

إنّ أصدقاء الخوف هم العناصر المرتبطة بالخوف والتي تتبعه، مثل: قلّة الثقة، التردّد، الجُبن، والعديد من العناصر الأخرى التي تتبع الخوف والتي قد تكبر مع الوقت في داخل الطفل.

لنتعرّف أكثر على أسباب الخوف عند الأطفال.

أسباب الخوف عند الطفل

إنّ أسباب الخوف عند الأطفال تندرج تحت العديد من الأمور، منها:

    – تخويف الطفل بعناصر بصرية مثل: الحيوانات، و عناصر حسّية مثل الظلام، وتكرار تخويفه بهذه العناصر مرّة بعد مرّة، كأن نقول له: “لا تبكي حتى لا يسمعك الأسد ويأكلك” أو “لا تخف سنطفئ الضوء”.

هذه الجمل ستولّد فكرة في عقل الطفل مفادها أنّ الظلام والأسد عنصران مخيفان.

    – التسلية بتخويف الطفل بهدف الضحك على تفاعلاته وانفعالاته.

    – فرض أعمال معيّنة على الطفل باستخدام أسلوب التهديد والعقاب أو حتى العنف.

وقد ينتج عن هذا النوع من التخويف لجوء الطفل لتذكير نفسه بمصدر الخوف والقلق لتجنّب عمل أيّ فعل قد يزعج الوالدين.

    – منع الطفل من الحركة وحرّية التصرّف باستخدام التهديد، كمنعه من الكلام أو الجري داخل المنزل حتى يتمكّن أحد الوالدين من مشاهدة التلفاز.

    – تخويف الطفل من الأشياء الإيجابية، مثل: الحقنة والطبيب والدواء وما إلى ذلك.

    – استعمال أسلوب الترهيب والعنف بدلاً من الترغيب والتحبّب، مثل ترهيب الطفل لدفعه على الدراسة بدلا من تحبيبه بها.

    – خوف الكبار لا سيما الوالدين الذي قد ينتقل إلى الطفل دون قصد.

مثلاً لو كانت الأمّ تخاف من القطط قد ينتقل هذا الخوف إلى الطفل.

    – الشجار والخلافات الزوجية ورفع الأصوات أمام الأطفال والتي ينتج عنها خلق نوع من الخوف والقلق وعدم الاستقرار لدى الطفل.

    – الغضب والانفعال الزائد عند الوالدين.

    – كثرة الحديث حول المخاوف والأمور الغيبية أمام الطفل، مثل الحديث عن الجنّ والشياطين وما إلى ذلك.

طرق علاج الخوف عند الأطفال

    – الامتناع عن السخرية من العنصر الذي يخاف منه الطفل.

    – الحديث مع الطفل عن مخاوفه ومناقشته دون أن نطلب منه نسيان هذا الخوف.

    – تشجيع الطفل على التحدّث عن مخاوفه.

    – تعريض الطفل للعنصر الذي يخاف منه وبالتدريج، مع وجود الأمّ أو الأب حتى نثبت له ألاّ حاجة للخوف.

    – الابتعاد عن تخويف الطفل عند انشغاله في أيّ شيء، كأن نصرخ بصوت عال في أذنه من باب الدعابة بهدف استثارته.

    – إشعار الطفل بالأمن النفسي داخل المنزل. أيضاً إبعاده قدر المستطاع عن الخلافات الأسرية.

    – استخدام أسلوب النمذجة للتغلّب على الخوف، كأن نسمح له بمشاهدة برنامج أطفال يعرض أطفالاً شجعان يعملون على التغلّب على مخاوفهم.

    – الحرص على عدم إظهار مخاوفنا أمام الطفل حتى لا يكتسب هذا الخوف منّا.

    – تفقّد كتب الطفل باستمرار أو البرامج التلفازية التي يشاهدها حتى نتأكّد من خلوّها ممّا قد يخيفه.

علاجات متقدّمة للخوف

هناك بعض الطرق الفعّالة لعلاج الخوف عند الأطفال ولكن في حال لم نحصل على النتيجة المرجوّة بعد تجربة هذه الطرق، يجب أن نبحث عن حلول أخرى متقدمة ومنها:

    – تقليل الحساسية لدى الطفل: في حال كان الطفل مفرط الحساسية فهذا يعني أنّه أكثر عرضة للتأثّر بالخوف.

وتقليل الحساسية لدى الأطفال يعني تقليل تعرّضهم للخوف بشكل عام. كيف ذلك؟

تقل حساسية الطفل من الخوف عندما يتمّ ربط موضوع الخوف بنشاط ممتع.

مثلاً، عندما تخاف قل “بسم الله الرحمن الرحيم”، أو أقرأ القرآن أو ارقص أو العب بمكعّبات الليجو… إلخ.

جرّب هذه الطريقة مرّة بعد مرّة وستلاحظ الفرق.

    – ملاحظة النماذج واستخدامها كقدوة للتعامل مع الخوف بشكل صحّي أمام الطفل.

    – تدريب الطفل على الشعور بالارتياح رويداً رويداً من خلال الحديث عن المواقف التي تثير خوفه أو حتى تمثيلها باستخدام الدمى.

سيتحوّل هذا الموقف من مخيف إلى مألوف بعد القليل من المحاولات.

    – حثّ الطفل على التخيّل الإيجابي من خلال حثّه على استحضار مشاهد سارّة عند شعوره بالخوف، أو تخيّل أحد الأبطال المفضّلين لدى الطفل، وهو يقوم بمساعدته للتخلّص من هذا الموقف المخيف، مثل: سوبر مان أو فتيات القوة.

    – مكافأة الشجاعة ويكون ذلك من خلال تقديم المكافآت المادّية أو المعنوية عند تمكّن الطفل من التعبير عن خوفه من موقف معيّن ثمّ قيامه بالتخلّص من هذا الخوف.

    – تعليم الطفل مهارة التحدّث مع الذات، وذلك يعني حثّ الطفل على مواجهة المخاوف مع نفسه أوّلاً ثمّ التوجّه لطلب المساعدة، ويكون ذلك من خلال تطوير مهارة بناء سيناريو صامت بين الطفل ونفسه بهدف التخلّص من الخوف، كأن يسأل نفسه: لماذا أنا خائف؟ ما الحل؟ هل أستطيع طلب المساعدة؟

    – تعويد الطفل على ممارسات تقلّل من الخوف لديه، مثل الاسترخاء والتأمّل والتنفّس العميق.

كيف نقي أطفالنا من التعرض للخوف مع عدم القدرة على التخلص منه بشكل طبيعي؟

    – تهيئة الطفل للتعامل مع التوتّر ومنذ مرحلة الطفولة المبكرة، ويكون ذلك من خلال التوضيح وطمئنة الطفل والتحذير المسبق، مع شرح الأمور بشكل منطقي ومناقشتها بشكل صريح ومناسب لعمر الطفل.

    – على الوالدين أن يكونا متعاطفين ومتفهّمين.

عندما يدرك الطفل أنّ والديه متفهّمين، يصبح أكثر قدرة على التعامل مع المخاوف بشكل صحيح.

ووجود والدين متفهّمين يمنح الطفل شعور بالأمان ويخبره أنّ لديه ملجأ آمن يمكنه العودة إليه في أيّ وقت وطلب المساعدة التي ستكون دائماً موجودة.

    – مشاركة الأمّ والأب مشاعرهم ومخاوفهم مع الطفل، ذلك سيطوّر مهارة التعبير عن المشاعر لدى الطفل وبطريقة غير مباشرة ممّا يزيد من الذكاء العاطفي لديه.

    – على الوالدين أن يكونا نموذجاً للتفاؤل والهدوء والاستجابة بشكل مناسب، ويكون ذلك من خلال تعامل الوالدين مع مخاوفهم الخاصّة بشكل صحيح حتى يتعلّم الطفل هذه المهارة منهما أيضاً.

بقلم د. مصطفى أبو سعد

تحتوي هذه الصورة على سمة alt فارغة؛ اسم الملف هو Fleur-9.png

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.