قال: ابني شاهد مشهد غير لائق بالهاتف النقّال وجاء يتحدّث معي عن المشهد الذي شاهده فماذا أفعل ؟

قلت له: كم عمر ابنك ؟ قال: عمره 13 سنة ويقول أنّه كان مع ابن خالته الذي يكبره بسنتين فعرض عليه ابن خالته المشهد من هاتفه وعلّمه كيف يدخل على بعض الحسابات المخلّة بالأدب.

قلت: أوّل خطوة تربوية ينبغي أن تفعلها أنّك تمدح ابنك لأنّه كان صريحا وصادقا معك، فقد أخبرك بما حصل مع ابن خالته ولم يخفي ذلك عنك.

قال: ولكنّه شاهد أمرا مخلا للأدب ينبغي أن لا يشاهده.

قلت له: ما تقوله صحيح ولكنّي لم أقل لك أمدحه على ما شاهد، ولكنّي قلت لك أمدحه على خلق الصدق والصراحة لأنّه أخبرك وصارحك وهو بسنّ المراهقة وربّما يريد أن يكتشف ويتعرّف على العلاقة العاطفية بين الجنسين.

قال: لم أفكّر بهذه الزاوية ولكنّها فعلا زاوية مهمّة، ولكنّي أنا حزين لأنّ ابني رأى هذه المشاهد المخلّة للأدب.

قلت: حزنك لن ينفعك على خطأ ارتكبه ابنك، وحتى نستفيد من حزنك هذا لابدّ أن نوظّف الحدث الذي شاهده ابنك لمصلحة تربوية.

قال: كيف ؟ قلت: تحدّث مع ابنك على أهمّية العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة.

 وتحدّث معه عن الفرق بين الحبّ الحلال والحبّ الحرام.

وتحدّث معه أنّ هذه الأمور خاصّة للكبار وليست للصغار وتكون بين الزوجين لا بين أيّ شخصين.

وتحدّث معه عن الإنجاب وكيف يحصل بين الزوج وزوجته.

وتحدّث معه عن شهوات الإنسان مثل شهوة المال والنساء والبنين وغيرها وعلّمه كيف يتعامل الإنسان مع شهواته بحيث يكون مسيطر على شهوته ولا تكون شهوته مسيطرة عليه.

وتحدّث معه عن كيفية التعامل مع أيّ شخص يعرض عليه شيئا خطأ سواء كان ابن خالته أو غيره.

وتحدّث معه عن نعمة الحبّ والميل بين الرجل والمرأة ولكنّ الله تعالى وضع ضابطا لهذا الميل وهو الزواج حتى لا يقع الإنسان في الحرام.

وتحدّث معه عن سبب انتشار الأمراض الجنسية بتعدّد العلاقات خارج إطار الزواج.

فالحبّ مشاعر جميلة خلقها الله تعالى في نفوسنا وليس عيبا أو خطأ أن يحبّ الرجل امرأة ولكن العيب أن يرتكب الحرام معها.

كلّ هذه المعلومات التي ذكرتها لك لو تحدّثت بها مع ابنك تكون قد استفدت من الخطأ الذي ارتكبه مع ابن خالته، بأن تعلّم ابنك أمور كثيرة من هذا الخطأ وبنفس الوقت صارت علاقتك مع ابنك أقوى لأنّه استفاد من المعلومات التي قدّمتها له.

 قال: ولكن كانت ردّة فعلي أنّي غضبت عليه وسكتّ لأنّي كنت مصدوم.

قلت: تستطيع أن تصحّح موقفك الآن وتفتح معه الحوار بالمواضيع التي تحدّثت معك فيها، وليس بالضرورة أن تتحدّث عن كلّ هذه المواضيع بجلسة واحدة، ولكن يمكنك تقسيمها وتوزيعها على عدّة جلسات تربوية معه، لأنّه مقبل على البلوغ وأكيد عنده أصدقاء يتحدّثون معه بهذه الأمور، فاليوم ابن خالته وربّما غدا غيره.

فالزمن الذي نعيشه لا تستطيع التحكّم به ولكن دورنا نحن تربويا أن نحصّن أبنائنا بالمعرفة الصحّية والعلم والإيمان.

قال: بالعلم والمعرفة فهمتها ولكن كيف بالإيمان؟

قلت: تذكر له بعض القصص من القرآن والسنّة عن العلاقات العاطفية بين الرجل والمرأة وما هو التصرّف الصحيح فيها.

فمثلا تذكر له قصّة مدح الله تعالى لعفّة يوسف عليه السلام عندما رفض عرض امرأة العزيز بأن تقيم معه علاقة عاطفية وهرب باتّجاه الباب ليخرج.

وتذكر قصّة موسى عليه السلام مع الفتاتين اللتين سقا لهما الماء وكيف تطوّرت هذه المساعدة لمشروع زواج مع أحداهما وهكذا.

ولا تنسى أن تنصح ابنك أن يرفض أن يشارك أيّ صديق آخر ينصحه برؤية مشاهد مخلّة للأدب.

وأهمّ شيء أن يكون أسلوبك مع ولدك أسلوب حواري هادئ من غير عصبية وصراخ وغضب.

و هكذا نكون قد أجبنا من قال: ابني شاهد مشهد غير لائق بالهاتف النقّال.

بقلم د. جاسم المطوع

تحتوي هذه الصورة على سمة alt فارغة؛ اسم الملف هو Fleur-30.png

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.