يرى علماء النفس أن العناد هو حالة مِن التعبير عن الرفض للقيام بعملٍ ما حتى لو كان مفيدًا، أو الانتهاء عن عمل ما وإن كان خاطئًا، والإصرار على ذلك وعدم التراجُع، مهما بُذلت محاولات للإقناع أو حتى الإكراه والقسْر.            

وتظهر هذه الصفة بوضوح في الأطفال حيث يؤكد الأستاذ عبدالله الهذلول – المستشار الأسري والمهتم بالتفكير الاستراتيجي- أن العناد صفة لكثير من الأطفال بقوله: “العناد صفة قد يتميز بها بعض الأطفال، ويعول المربون على ما نسبته 20% منهم.

وتقول الدكتورة صفاء عبد القادر أخصائية الطب النفسي، أن العناد يأتي بسبب إضرابات في السلوك، وقد يكون لفترة أو نمطا ثابتا من سلوك وشخصية الطفل.

ورغم ذلك فإنه يعتبر شيئا طبيعيا في مرحلة النمو النفسي.

وهذه المرحلة تساعد الطفل على الاستقرار واكتشاف نفسه وقدراته، وإمكانياته في التأثير على الآخرين وفيهم.

فلهذا ليس كل عناد مرض.

ولكن يتحول العناد إلى اضطراب في السلوك عندما يستمر ويتكرر لفترات طويلة مع تواجد أسبابه.

وعادة ما يظهر بشكل أكبر في الطفل الأول لأن الوالدين عادة ما يريدان السيطرة على سلوكياته.

ويظن الكثيرون أن العناد له نوع واحد ولكن للعناد عدة أنواع.

من أنواع العناد التي تؤرق الوالدين في التعامل مع الطفل:

العناد المفتقد للوعي: وهو عناد من أجل إشباع رغبة مؤقتة كالحصول على لعبة، أو شيء جامد، دون التفكير باحتياج العنيد إليه، وهو من أنواع العناد الخطيرة لأنه ينم عن شخصية اعتمادية غير مسئولة لا تستطيع التكيف مع ظروف الحياة.

العناد مع النفس الذاتي: ويصيب الكبار والصغار، والمتمثل في أذى الشخص لنفسه، عقابا لذاته، لكي يمنع نفسه من الطعام في محاولة لإرغامها على الاستجابة لطلباته، والحل في التجاهل التام ( إجهاد الاستجابة) وسوف تقل شدة عناده بالتدريج.

عناد الاضطراب السلوكي: و يصيب الكبار والصغار، ولكن الصغار يكتسبوه من الكبار، كنوع من التقليد، والطباع المكتسبة، وهو نتاج الاتسام بالعناد دون هدف أو وعي ودون تفسير الأسباب، وتتسم هذه الشخصية بعنف ردود أفعالها.

ما أسباب العناد ؟

خَلص بعض الباحثين إلى أن أسباب العِناد بوجه عام تكاد تنحصر في ثلاثة أمور:

1- انعدام الثقة.

2- افتقاد الحقوق.

3- عدم إشباع الرغبات والاحتياجات.

أما عن أسباب العناد عند الأطفال بوجه خاص فهي:

    1- مقارنة الطفل بإخوته أو أصدقائه.

   2- عدم ترك الأطفال لتحمل المسؤولية والاعتماد على النفس، ما يؤدي إلى جعل الطفل يلجأ إلى العناد.

   3- إصدار الأوامر المتكررة للطفل والقسوة في المعاملة يؤثر على سلوك الطفل بشكل سلبي مما يدفعه إلى العناد.

    4- عدم تقديم الدعم النفسي والمعنوي للطفل من قبل الوالدين، وفقد الدفء الأسري يساعد على تكوين شخصية الطفل العنيدة.

    5- وجود مشكلات أسرية بين الوالدين.

والسؤال هنا كيف نحول المقاومة والرفض (العناد عند الأطفال) إلى تعاون معنا ومع الآخرين؟

وضحت المهندسة غانية ذلك بقولها: “لنتذكر أن مقاومة ورفض أمنيات الأشخاص البالغين يُمكّن الأطفال من معرفة الحدود واختبار القواعد والقوانين.

وهنا يجب أن نجد المقصد الإيجابي من وراء سلوك الطفل.

حلول عملية لمعالجة مشكلة العناد:

1- لا تلوميه (لأن اللوم يزيد الموقف سوءًا).

2- أعلني عن المقصد الإيجابي لطفلك (فنحن ننقل مقاصدنا إلى بعضنا، وهو عامل اتصال قوي) بأن تصبح على دراية ووعي بمقصدك حينما تخاطب أطفالك.

3- شغل الطفل بشيء آخر والتمويه عليه إذا كان صغيرا، و مناقشته والتفاهم معه إذا كان كبيرا.

4- الحوار الدافئ المقنع غير المؤجل من أنجح الأساليب عند ظهور موقف العناد؛ حيث أن إرجاء الحوار إلى وقت لاحق يُشعر الطفل أنه قد ربح المعركة دون وجه حق.

5- البعد عن إرغام الطفل على الطاعة، واللجوء إلى دفء المعاملة اللينة والمرونة في الموقف.

فالعناد اليسير يمكن أن نغض الطرف عنه، ونستجيب لما يريد هذا الطفل، ما دام تحقيق رغبته لن يأتي بضرر، وما دامت هذه الرغبة في حدود المقبول.

6- العقاب عند وقوع العناد مباشرة، بشرط معرفة نوع العقاب الذي يجدي مع هذا الطفل بالذات؛ لأن نوع العقاب يختلف في تأثيره من طفل إلى آخر.

فالعقاب بالحرمان أو عدم الخروج أو عدم ممارسة أشياء محببة قد تعطي ثمارا عند طفل ولا تجدي مع طفل آخر، ولكن لا تستخدمي أسلوب الضرب والشتائم؛ فإنها لن تجدي، ولكنها قد تشعره بالمهانة والانكسار.

7- امدحي طفلك عندما يكون جيدا، وعندما يُظهر بادرة حسنة في أي تصرف، وكوني واقعية عند تحديد طلباتك.

8- عدم صياغة طلباتنا من الطفل بطريقة تشعره بأننا نتوقع منه الرفض؛ لأن ذلك يفتح أمامه الطريق لعدم الاستجابة والعناد.

9- عدم وصفه بالعناد على مسمع منه، أو مقارنته بأطفال آخرين بقولنا: (إنهم ليسوا عنيدين مثلك).

10- عدم التوتر:

عند إتباع الطفل العناد في موقف محدد يجب عليك ألا تتوتر، واترك المكان لعدة دقائق حتى تهدأ ومن بعدها يمكنك مناقشة الطفل في الأمر بهدوء تام، ويجب ألا تنفعل على الطفل حتى لا يزيد عناده.

مقالات مشابهة

One Comment

  1. أحسنت النّشر أستاذي.فعلا ظاهرة العناد عند الأطفال تؤرّق الأولياء وعلينا أن نعالجها بحكمة ولقد تفضّلت علينا بخطوات جيّدة لمواجهتا .بارك الله في جهودك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.