مقالنا اليوم عن مدح الطفل عندما يخطئ. إنّ استخدام أسلوب المدح وإبداء الامتنان للطفل عندما يحسن التصرّف، سيدفعه إلى تطوير سلوكه أكثر فأكثر، لكن هل يمكن استخدام هذا الأسلوب أيضاً عندما يسيء الطفل التصرّف.
خبراء تربية الأطفال يؤكدّون فعالية استخدام هذه الطريقة عندما يخطئ الطفل، لأنّه يشجّعه على تحسين سلوكه.
وهذا مثال عمليّ يوضّح لنا ذلك:
كسر محمّد صحناً ثميناً من طقم صحون كانت والدته تعتزّ به كثيراً فذهب لها ليخبرها بما فعل وهو خائف قائلاً:
- أمّي، لقد ارتكبت عملاً سيغضبك كثيراً، وتساءلت والدته: ما هو، ماذا فعلت؟.
- ردّ محمّد: أخاف أن أخبرك، قالت أُمّه: هل تخاف من أثر ما فعلته على نفسي؟
- أجاب محمّد: نعم، لو علمت بما فعلت ستضربينني.
ردّت الأُمّ بعد أن بدأت تفقد صبرها:
- محمّد، الطريقة الوحيدة التي نستطيع أن نحلّ بها الموضوع، هو أن نتكلّم عنه.
لكنّ محمّد قال: ما فعلته يا أمّي ليس له حلذ، وكانت الأُمّ ماهرة في تصرّفها عندما أجابته قائلة:
– ما دمت سليماً أمامي، فهذا هو المهمّ، قال محمّد بعد أن اطمأنّت نفسه: لقد كسرت صحناً من طقم الضيوف، لم أكن أقصد كسره.
– أجابت الأُمّ بهدوء: أنا أحبّ هذه الصحون، لكن باستطاعتي شراء صحن ليحلّ مكانه.
- قال محمّد وهو غير مصدّق أنّ أُمّه لم تغضب عليه: ألست غاضبة عليّ؟
- قالت أُمّه بحزم وهي تمدحه لصراحته:
- أنا فعلاً متضايقة لما فعلت، لكنّ الصحن المكسور هو صحن مكسور، لقد أعجبني سلوكك عندما ذكرت ما فعلت بصراحة، أنا ممتنّة لك حسن تصرّفك.
شعر محمّد بالندم لما فعل وقال لأُمّه: تمنّيت لو أنّي لم أكسر هذا الصحن، أعدك يا أمّي أنّي سأنتبه مرّة أخرى.
لقد ابتعدت والدة محمّد عن انتقاده أو لومه، فهي لو فعلت ذلك لجعلته أقلّ ثقة بنفسه، وأكثر ثورة عليها، بدل أن يفكّر في تطوير سلوكه، مثلما حدث عندما مدحت صراحته، وأوضحت له عندما لاحظت خوفه، بأنّ سلامته هي أهمّ شيء بالنسبة لها وكلّ شيء آخر يمكن تعويضه، وكان ردّ فعل تصرّفها إيجابيّاً على نفسية طفلها حيث تمنّى لو أنّه لم يكسر الصحن، ووعد والدته أنّه سينتبه في المستقبل لكي لا يعيد مثل هذا التصرّف الخاطئ.
قد نعتقد أنّ من الصعب تطبيق هذه التجربة مع أبنائنا لو كسروا شيئاً ثميناً في البيت، لكنّ الأمر أسهل ممّا نتصوّر، لأنّنا نفعله ببساطة مع ضيوفنا عندما يكسر أحد أبنائهم شيئاً ثميناً في البيت، ألا تكون إجابتنا للضيوف هكذا:
- أوه، لا تنزعج، سنشتري غيره.
فكيف إذن نهتمّ بمشاعر ضيوفنا، ولا يهمّنا مشاعر أبنائنا وهم بالنسبة لنا أعزّ كثيراً من هؤلاء الضيوف .
المصدر: كتاب ابني، لا يكفي أن أحبّك.