نتحدث في هذه المقالة عن مختصر سيرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم – للأطفال.
فلقد كان لعبد المطّلب عشرة أبناء وكان أوسطهم عبدالله، وقد تزوّج امرأة من أفضل نساء قريش، هي آمنة بنت وهب.
وقد حملت آمنة بالرسول صلّى الله عليه وسلّم، وأثناء ما هي حامل به، مات أبوه.
ولادته صلّى الله عليه وسلّم:
ولد الرسول صلّى الله عليه وسلّم يوم الاثنين 12 ربيع الأوّل، وكان هذا كما عرفنا عام الفيل، فكان هذا اليوم أسعد يوم طلعت فيه الشّمس.
وقد سمّاه جدّه عبد المطّلب ” محمّد “، فهو محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب صلّى الله عليه وسلّم.
رضاعته صلّى الله عليه وسلّم:
لا يوجد في ذلك الزّمان أدوات رضاعة كما نراها في السوق اليوم، ولا يوجد حليب في الأسواق كما نراه اليوم.
لكن كان هناك نساء يرضعن الأولاد ولأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ولد يتيما، فقد رفضت النساء أن يأخذن طفلا يتيما إلا امراة واحدة من بني سعد في الطائف اسمها حليمة السعدية.
أخذته كي ترضعه وقد كانت فقيرة، أغنامها ضعيفة، وبعد أن أخذته صلّى الله عليه وسلّم أنزل الله البركة في مالها وحلالها، وعاش معهم سنتين في بني سعد.
وعندما كان صغيرا جاءه ملكان من السماء فنظّفا قلبه من المعاصي حتى صار نقيّا.
ورعى الرّسول صلّى الله عليه وسلّم الغنم، ونشأ على البساطة والفطرة وحياة البادية السليمة واللغة الفصيحة.
بعد ذلك أرجعته أمّه من الرضاعة، حليمة السّعدية، إلى أمّه آمنة وجدّه عبد المطّلب في مكّة.
وفاة أمّه وجدّه:
عندما بلغ صلّى الله عليه وسلّم ستّ سنين ماتت أمّه بين مكّة والمدينة، فأخذه جدّه عبد المطّلب، وكفله ورعاه وعندما بلغ ثماني سنين مات جدّه عبد المطّلب فأخذه عمّه أبو طالب وربّاه ورعاه وكان أكثر حبّا له وعطفا عليه.
التّربية الإلهية:
عاش الرسول صلّى الله عليه وسلّم يتيما فمات أبوه وماتت أمّه، ثم تولّاه جدّه عبد المطّلب حتى مات وهو في سنّ الثّامنة، ثمّ ربّاه عمّه أبو طالب.
وقد شبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم محفوظا من الله تعالى بعيدا عن أقذار الجاهلية وعاداتها كعبادة الأصنام وشرب المسكرات وعمل المعاصي والذنوب، فكان أفضل قومه، وأحسنهم خلقا، وأصدقهم حديثا، وأشدّهم حياء، وأعظمهم أمانة حتى لقّبوه الصّادق الأمين، فكان يصل رحمه، ويكرم ضيفه، ويعين على البرّ والتقوى، ويأكل من عمل يده، فاشتغل في الرعي وفي التجارة، فكان أمينا ومباركا.
زواجه صلّى الله عليه وسلّم من خديجة رضي الله عنها:
عندما بلغ الرسول صلّى الله عليه وسلّم خمسا وعشرين سنة، تزوّج خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وهي من سيّدات قريش ومن أفضل نسائها، وكانت إذ ذاك في الأربعين من عمرها.
وقد كانت امرأة تاجرة، وقد أشرف الرسول صلّى الله عليه وسلّم على قافلة تجارة لها،
فكان أمينا وحقّق لها ربحا كثيراً.
وبعد ذلك عرضت عليه نفسها ليتزوّجها، فخطبها وتزوّجها وكانت أوّل امرأة تزوّجها الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وولدت له أولاده كلّهم إلاّ إبراهيم.
قصّة بنيان الكعبة ودرء فتنة عظيمة:
لمّا بلغ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خمسا وثلاثين سنة اجتمعت قريش لبنيان الكعبة، فلمّا بلغ البنيان موضع الركن، اختصموا في الحجر الأسود، كلّ قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه، تريد أن يكون لها هذا الشّرف، فازداد الخصام، وتعالت الأصوات، وغضبت القبائل بعضها على بعض، وبقي الحال على ذلك أيّاما، ثمّ اتّفقوا على أنّ أوّل من يدخل من باب المسجد يقضي بينهم، فكان أوّل من دخل عليهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا رأوه قالوا: هذا الأمين، رضينا، هذا محمّد.
ودعا الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقماش وأخذ الحجر ووضعه فيه، ثمّ قال لتأخذ كلّ قبيلة بناحية من القماش، ثمّ طلب منهم أن يرفعوه فرفعوه حتى إذا وصل إلى مكانه، وضعه صلّى الله عليه وسلّم بيده ثمّ بنى عليه.
وهكذا بحكمته صلّى الله عليه وسلّم منع الحرب والفتنة عن قريش.
بدء البعثة:
أتمّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم أربعين سنة من عمره وظهرت تباشير الصبح وطلائع النور والسعادة.
وقد حبّب للرسول صلّى الله عليه وسلّم أن يخلو وحده، وكان يخرج من مكّة ويبتعد حتى تختفي عنه البيوت.
فكان إذا مرّ بالأشجار والأحجار ينطقها الله سبحانه وتعالى فتقول له : السلام عليك يا رسول الله.
وكان يخلو غالبا في غار حراء، في جبل النور، فيبقى فيه ليالي يتعبّد الله ويتأمّل في خلقه ومخلوقاته.
وفي إحدى المرّات جاءه اليوم الموعود لبعثته، وكان ذلك في رمضان.
جاءه الملك وهو جبريل عليه السلام فقال : ” اقرأ “، فقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم : ” ما أنا بقارئ “.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فأخذني فغطّني حتى بلغ منّي الجهد ثمّ أرسلني فقال : ” اقرأ “، فقلت : ” ما أنا بقارئ “.
فأخذني فغطّني حتى بلغ منّي الجهد ثمّ أرسلني فقال: ” اقرأ “، قلت : “ما أنا بقارئ “.
فأخذني فغطّني الثّالثة حتى بلغ منّي الجهد ثمّ أرسلني قال:
( اقرأ باسم ربّك الذي خلق، خلق الإنسان من علّق، اقرأ وربّك الأكرم الذي علّم بالقلّم، علّم الإنسان ما لم يعلم).
أوّل الأحداث بعد البعثة – في بيت خديجة:
فزع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الملك الذي جاءه في غار حراء.
وعاد إلى البيت وهو خائف وقال: ” زمّلوني زمّلوني ” أي لفّوني في الثياب.
وسألته خديجة عن السبب، قصّ عليها القصّة، وكانت عاقلة فاضلة، وقد كانت أعرف الناس بأخلاق الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
فقالت له : ” كلاّ، والله ما يخزيك الله أبدا، إنّك لتصل الرحم، وتحمل الكّل ” الثقل ” وتكسب المعدوم ” أي تكسب الناس ما يعدمونه ممّا يحتاجون إليه ” وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحقّ “.
بين يديّ ورقة بن نوفل:
رأت خديجة رضي الله عنها أن تستعين بابن عمّها ورقة بن نوفل وكان لديه علم من الكتاب.
فانطلقت برسول الله صلّى الله عليه وسلّم إليه، وأخبره الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقصّته، فقال له:
” والذي نفسي بيده إنّك لنبيّ هذه الأمّة، ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى، وأنّ قومك سيكذّبونك و يؤذونك ويخرجونك ويقاتلونك “.
إسلام خديجة وأخلاقها:
آمنت به خديجة رضي الله عنها وكانت أوّل من أسلم من النساء، وكانت بجواره تعينه وتثبّته وتخفّف عنه وتهوّن عليه أمر الناس.
إسلام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه:
ثمّ أسلم عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان عمره عشر سنين، وهو أوّل من أسلم من الصبيان.
إسلام أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه:
أسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وهو أوّل من أسلم من الرجال.
وكانت له منزلة في قريش، لعقله ومروءته واعتداله، وقد أظهر إسلامه، وكان ذا خلق معروف، فجعل يدعو إلى الله وإلى الإسلام.
الدعوة سرّاً:
بدأ الرسول صلّى الله عليه وسلّم دعوته سرّا، وأسلم معه من أسلم من أشراف قريش ومن الضعفاء والفقراء، واستمرّ الحال سرّا ثلاث سنين.
الدعوة جهراً:
أمر الله تعالى رسوله الكريم أن يعلن دعوته ويجهر بها، وأن يصدع بأمر الإسلام، وأن ينذر عشيرته الأقربين ” قريش “.
ففعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم ذلك، وصعد جبل الصفا، وصاح في قريش: ” أنّي نذير لكم بين يدي عذاب أليم “.
وصاح فيه أبو لهب عمّ الرسول وقال له: تبّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا ؟، ونزلت فيه سورة من القرآن الكريم: ” تبّت يدا أبي لهب وتبّ “.
عداوة قريش للرسول صلّى الله عليه وسلّم:
بعد أن أعلن الرسول صلّى الله عليه وسلّم دعوته وجهر بها، وعاب الأصنام والآلهة التي تعبدها قريش، بدأ الكفّار يؤذون الرسول صلّى الله عليه وسلّم و يسبّونه.
فمرّة يتّهمونه بالساحر ومرّة يتّهمونه بالكاذب ومرّة يتّهمونه بالمجنون ومرّة يتّهمونه بالشاعر يستهزئون به ويسخرون، وما يستهزئون إلاّ بأنفسهم، آذوه في بيته وفي جسده، وضعوا الشوك في طريقه، ووضعوا القاذورات على ظهره وهو يصلّي.
ولم يسلم أصحاب الرسول صلّى الله عليه وسلّم من قريش، فقد عذّبوهم وضربوهم وحرّقوا جلودهم في الشمس المحرقة.
هجرة المسلمين إلى الحبشة:
بعد هذا العذاب، أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم أصحابه بأن يهاجروا إلى الحبشة
لأنّ فيها ملك عادل يسمّى النّجاشي.
فخرج المسلمون إلى الحبشة في حماية الملك النجاشي وكان عددهم ثلاثة وثمانين.
السؤال المهمّ: كيف نعلّم الأطفال حبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
أوّلاً: أن يكون حبّه في النفوس أعظم من النفس والأهل والمال وما سواهما.
ثانياً: لا بدّ أن يكون قدوتنا الأولى وتعميق حبّه في نفوسنا، وقد كان خلقه القرآن.
ثالثاً: فضل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على الأمّة الإسلامية، وأعظم ذلك أنّه ربّاهم على العقيدة النقية الصافية.
رابعاً: باستخدام الإثارة المشوّقة والمُحَبَّبَة للنفوس نقصّ عليهم سيرته العطرة، بل ونحاول أن نتذاكر ذلك دائماً.
خامساً: نعلّمهم الصّلاة على النّبيّ ” يقولون صلّى الله عليه وسلّم ” عندما يسمعون اسمه عليه الصلاة والسلام.
سادساً: نربّيهم على السلوكيات التي كان يتمثّل بها عليه الصلاة والسلام، كطَلاقَة الوجه والسماحة وإلقاء السلام وحبّ المساكين وطاعة الوالدين والإنفاق في سبيل الله.
سابعاً: تحفيظهم الأدعية اليومية التي كان يدعو بها عليه الصلاة والسلام، وذلك باستخدام أسلوب التدرّج في التعليم.
ومن أمثلة أدعيته اليومية، دعاء الاستيقاظ من النوم والدعاء عند الانتهاء من الأكل، ودعاء الخروج من المنزل.
ثامناً: توجيههم ومتابعتهم نحو حفظ أحاديثه الشريفة، وليكن لكلّ أسبوع حديث واحد على الأقلّ، وتلك الأحاديث تكون قصيرة ومناسِبة لقدراتهم الذهنية والاستيعابية.
تاسعاً: الذبّ عن عرضه والغيرة عليه صلّى الله عليه وسلّم والغضب الشديد إذا أسيء إليه والدفاع عنه في كافّة المحافل والمجالس.
المصدر: بقلم أبو عليّ