يجب عدم إجبار الأطفال على التقبيل عند إلقاء التحيّة. قد يستجيب الطفل لطلب والده أو والدته في ذلك الموقف، لكن نظرة سريعة على لغة الجسد قد تشير بوضوح إلى أنّه فعل ذلك رغما عنه.

من المهمّ لمن تعوّدوا على فرض آرائهم على الأطفال أن يراجعوا أنفسهم. 

تعليم الطفل إلقاء التحيّة على الآخرين أمر إيجابي، وهو من ركائز التنشئة السليمة، لكن إجباره على التقبيل يعدّ تجاهلا لرغباته ومشاعره وتقييدا لحرّيته في اختيار ما يحبّ القيام به.

في تقرير نشرته مجلّة “إيريس ماما” الإسبانية، تقول الكاتبة ماريا فاتيما سيبي فينواليس إنّ في حياتنا اليوميّة العديد من المواقف التي يلقي فيها الكبار التحيّة على الأطفال عبر القبلات، وقد ينتهي الأمر بإجبار الطفل أيضا على التقبيل.

وتضيف الكاتبة أنّ الطفل قد يستجيب لطلب والده أو والدته في ذلك الموقف، لكن نظرة سريعة على لغة الجسد قد تشير بوضوح إلى أنّه فعل ذلك رغما عنه، لذلك من الأفضل تجنّب الأمر برمّته لعدّة أسباب.

إجبار الأطفال على التقبيل يعكس طريقة تفكير تقليدية ومعتقدات خاطئة تفترض أنّ الشخص البالغ يعرف ما يجدر بالطفل الصغير أو الابن المراهق أن يفعله، وهو اعتقاد خاطئ تماما، حسب الكاتبة.

بإجبار الأطفال على تقبيل شخص آخر، فإنّنا لا نتجاهل حقّهم في اتّخاذ القرار فحسب، بل ننقل أيضا رسائل سلبية أخرى، ومنها:

– أنّنا لا نحترم آراءهم وقراراتهم والحدود التي يضعونها لأنفسهم.

– لا ندعمهم ليكونوا مستقلّين، وينتهي الأمر باستسلامهم لأهواء الآخرين في معظم المواقف.

– نجعل من القبلات والعناق مجرّد بروتوكول اجتماعي، في حين أنّها دليل على المودّة والقرب من الأشخاص الذين تحبّهم.

– نعرّض أطفالنا للخضوع لأشخاص آخرين ينتهكون حرّية اختيارهم.

– نتلاعب بمشاعر الطفل حتى لا نقع في إحراج مع الأصدقاء “قد نعده مثلا بقطعة شوكولاتة في المنزل إذا ألقى التحيّة بالقبلات”.

– نبتزّه ونجعله يشعر بالذنب، وبالتالي لا يفكّر في رفض الطلب.

وتؤكّد الكاتبة أنّ كثيرا من الآباء لا يدركون خطورة إجبار الطفل على القيام بشيء لا يحبّه، حيث تنتج عن ذلك آثار نفسية خطيرة مثل التوتّر والخوف والخجل والغضب، وهي مشاعر قد يخفيها الطفل حتى لا يقع في المشاكل.

خيارات أخرى:

بدلا من إجبار الطفل على التقبيل ضمن أساليب إلقاء التحيّة على الآخرين، وجعله معيارا للسلوك المهذّب، هناك الكثير من الخيارات الأخرى لتعليم الطفل كيف يلقي التحيّة على الكبار بكلّ أدب، ومنها الإيماءات أو رفع اليد.

في الواقع، ليس من دور الطفل أن يلبّي توقّعات الآخرين على حساب رغباته، ويمكنك أن تتخيّل كيف سيكون شعور شخص بالغ إذا أجبرته على إلقاء التحيّة بالقبلات، بالتأكيد لن يوافق، فلماذا نفعل ذلك مع الطفل؟ 

يجب أن نتعلّم كيف نحترم حرّية الأطفال، تماما مثلما نفعل مع البالغين، حسب تعبير الكاتبة.

التنشئة المبنية على الاحترام:

وفقا للكاتبة، يعرف الأطفال جيّدا ما يريدونه، ويجب على البالغين أن يثقوا في معاييرهم وأن يبذلوا قصارى جهدهم لتعزيز استقلاليتهم.

ومن منظور التربية المبنية على احترام الطفل، يتمثّل دور الوالدين في الرقابة والمتابعة والإرشاد، وليس التلقين وفرض الآراء بالقوّة.

ولا يعني ذلك عدم وضع بعض الحدود التي يجب ألّا يتجاوزها الطفل، بل من الضروري وضع معايير محدّدة لتنشئة متوازنة من دون إساءة استخدام التسلسل الهرمي أو فارق السنّ.

وتختم الكاتبة مقالها بأنّه من المهمّ لمن تعوّدوا على فرض آرائهم على الأطفال أن يراجعوا أنفسهم، و يدركوا خطورة بعض السلوكيات، مثل إجبار الطفل على إلقاء التحيّة بالقبلات.

المصدر: موقع الجزيرة عن الصحافة الإسبانيّة

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.