سنجيب هنا عن السؤال التالي: كيف تقوّي تقدير طفلك لذاته.

يريد معظم الآباء أن يتمتّع أطفالهم بإحساس صحّي بتقدير الذات ويعتقد الكثيرون أنّ تدنّي تقدير الذات هو من مشاكل المجتمع.

على الرغم من دراسة تقدير الذات لعقود من الزمن، إلّا أنّ طبيعتها الدقيقة وتطوّرها لا يزالان موضع نقاش.

ومع ذلك، يتّفق خبراء تنمية الطفل عموما على أنّ الآباء وغيرهم من البالغين المهمّين للأطفال يلعبون دورا رئيسيا في وضع أساس متين لتنمية تقدير الطفل لذاته.

عندما يتحدّث آباء ومعلّمي الأطفال الصغار عن الحاجة إلى تقدير الذات، فإنّهم يقصدون عادة أنّ الأطفال يجب أن يشعروا بالرضا عن أنفسهم.

بالنسبة للأطفال الصغار، يشير تقدير الذات إلى المدى الذي يتوقّعون فيه أن يتمّ قبولهم وتقديرهم من قبل الكبار والأقران الذين يعتبرون مهمّين بالنسبة لهم.

كلّما زاد شعور الأطفال بالثقة تجاه نجاحهم الاجتماعي والجسدي والفكري، زاد احتمال نجاحهم.

على العكس من ذلك، كلّما شعر الأطفال بثقة أقلّ، زاد احتمال فشلهم في حياتهم.

يشعر الأطفال الذين يتمتّعون بإحساس صحّي بتقدير الذات بأنّ الكبار المهمّين في حياتهم يتقبّلونهم ويهتمّون بهم.

إنّهم يشعرون أنّ هؤلاء البالغين سوف ينزعجون إذا حدث لهم أيّ شيء وسوف يفتقدونهم إذا غابوا.

من ناحية أخرى، يشعر الأطفال الذين يعانون من تدنّي تقدير الذات أنّ الكبار والأقران المهمّين في حياتهم لا يقبلونهم ولا يهتمّون بهم كثيرا.

خلال سنواتهم الأولى، يعتمد تقدير الأطفال الصغار لذواتهم إلى حدّ كبير على تصوّراتهم لكيفية حكم الكبار المهمّين عليهم في حياتهم.

يتمّ وضع أسس تقدير الذات في وقت مبكّر من الحياة عندما يطوّر الرضّع علاقات مع الكبار الذين يشرفون عليهم.

عندما يستجيب البالغون بسهولة لصرخاتهم وابتساماتهم، يتعلّم الأطفال الشعور بالحبّ والتقدير.

يشعر الأطفال بالحبّ والقبول من خلال كونهم محبوبين ومقبولين من قبل الأشخاص الذين يشرفون عليهم.

عندما يتعلّم الأطفال الصغار الثقة في والديهم وغيرهم ممّن يهتمّون بهم لتلبية احتياجاتهم الأساسية، فإنّهم يشعرون بالتدريج بأنّهم مرغوبين، ويقدّرون، ومحبوبين.

يرتبط تقدير الذات أيضا بمشاعر الأطفال وذلك بالانتماء إلى مجموعة والقدرة على العمل بشكل مناسب في فريق متكامل.

عندما يصبح الأطفال الصغار في مرحلة ما قبل المدرسة، على سبيل المثال، من المتوقّع أن يتحكّموا في دوافعهم وأن يتبنّوا قواعد الأسرة والمجتمع الذي ينمون فيه.

يساعد التكيّف الناجح مع هذه المجموعات على تقوية مشاعر الانتماء إليها.

من غير المحتمل أن يتعزّز تقدير الذات لدى الأطفال الصغار بسبب الإفراط في المديح أو الإطراء.

على العكس من ذلك، قد يثير ذلك بعض الشكوك لدى الأطفال. 

مع نموّهم، يصبح الأطفال أكثر حساسية تجاه تقييمات أقرانهم.

عندما يطوّر الأطفال علاقات أقوى مع أقرانهم في المدرسة أو حول الحيّ الذي يسكنون فيه، فقد يبدأون في تقييم أنفسهم بشكل مختلف عن الطريقة التي تمّ تعليمهم بها في المنزل.

يمكنك مساعدة طفلك من خلال توضيح قيمك والحفاظ على خطوط الاتّصال مفتوحة حول التجارب خارج المنزل.

يمكنك أيضا المساعدة من خلال تعليم طفلك كيفيّة التواصل الاجتماعي جيّدا مع الأطفال الآخرين وتشجيع التفاعل مع الأطفال ذوي القيم الأسرية المماثلة.

لا يكتسب الأطفال تقدير الذات دفعة واحدة ولا يشعرون دائما بالرضا عن أنفسهم في كلّ موقف.

قد يشعر الطفل بالثقة بالنفس والقبول في المنزل ولكن ليس بالقرب من الحيّ أو في فصل ما قبل المدرسة.

علاوة على ذلك، عندما يتفاعل الأطفال مع أقرانهم أو يتعلّمون العمل في المدرسة أو في مكان آخر، قد يشعرون بالقبول والإعجاب في لحظة ما ويشعرون بالاختلاف في اللحظة التالية.

يمكنك المساعدة في هذه الحالات من خلال طمأنة طفلك بأنّك تدعمه وتقبله حتى عندما لا يفعل الآخرون ذلك.

من المرجّح أن يتمّ تعزيز تقدير الذات عندما يتمّ احترام الأطفال من قبل الكبار الذين يُعتبرون مهمّين بالنسبة لهم.

إنّ تقدير الأطفال يعني معاملتهم باحترام، وطرح آرائهم، وأخذ آرائهم على محمل الجدّ، وإعطائهم ملاحظات هادفة وواقعية.

من المرجّح أن يتعمّق شعور الطفل بقيمته الذاتية عندما يستجيب البالغون لاهتمامات الطفل وجهوده بتقدير أو اهتمام بدلا من مجرّد الثناء.

إنّه يستجيب بشكل إيجابي عن طريق المباشرة بجدّية مع التشجيع المناسب، على سبيل المثال، قراءة كتاب عن الديناصورات أو دراسة الديدان في الحديقة.

من المرجّح أن يستفيد الأطفال الصغار من المهام والأنشطة التي تقدّم تحدّيا حقيقيا أكثر من تلك التي هي مجرّد تافهة أو ممتعة.

يمكن إعطاء الأطفال الصغار المسؤوليات والمهام المناسبة التي تجعلهم جزءا من المجتمع أو الأسرة.

يمكنك مساعدة طفلك على تنمية الثقة بالنفس والحفاظ عليها من خلال مساعدته على التعامل مع الهزيمة وكذلك النجاح.

في لحظة الفشل، ذكّر طفلك أنّك ما زلت تحبّه وتدعمه.

في وقت لاحق، عندما تمرّ الاستجابة العاطفية الأوّلية تحدّث مع طفلك عن الموقف.

في بعض الأحيان، من المهمّ الإشارة إلى أنّ معظم الناس لا يجيدون كلّ ما يحاولونه.

أو ربما هناك درس يمكن تعلّمه من خطأ أو نقص في الإعداد.

يمكن للأطفال أن يتخطّوا خيبات الأمل الصغيرة ومشاكل الطفولة من خلال مساعدتهم في التعامل مع التحدّيات الأكبر التي سيتلقّونها في حياتهم.

بصفتك أحد الوالدين، فإنّك تلعب دورا أساسيا في تنمية شعور طفلك بقيمة الذات، وسوف يلعب هذا الشعور بالذات دورا مهمّا في نجاح طفلك في المستقبل.

إظهار أنّك تقدّر طفلك وتهتمّ به وتساعده على تعلّم تقدير نفسه يمكن أن يقطع شوطا طويلا لبناء هذا الإحساس المهمّ بتقدير الذات.

المصدر: مقالات

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.