نجيب هنا عن السؤال التالي: كيف تربّي ابنتك على الأنوثة ؟
إنّ التربية مسؤولية كبيرة على عاتق الأب والأم.
في هذا الزمن اختلطت مفاهيم الذكورة والأنوثة بسبب نشر أخبار كثيرة عن المتحوّلين جنسيّا، أو من حرّية اختيار الجنس في المسلسلات والأفلام والألعاب الإلكترونية، بالإضافة إلى نشر هذه الأفكار من مشاهير الغناء والرياضة و رجال المال والسياسة، وكلّ هذه الوسائل يتابعها الأطفال وشريحة المراهقين.
ومن القصص التي عشتها: أنّ طفل عمره سبع سنوات قال لأمّه: أنا أريد أن أكون بنتا ولا أريد أن أكون صبيّا.
وقصّة أخرى لمراهقة قالت لوالدها أنا أريد أن أكون صبيّا، وقصص كثيرة ممن تأثّر بموجة حرّية اختيار الجنس.
إنّ هذا الواقع الذي نعيشه يلزمنا أن نربّي البنت على الأنوثة، ونربّي الصبيّ على الذكورة، وهي الفطرة والتربية الطبيعية التي خلق الله الناس عليها، ولكنّي سأركّز على كيف نربّي البنت على الأنوثة، فعندما نتكلّم عن الأنوثة لا يعنى أنّنا نتكلم عن ضعف شخصية البنت.
فالأنوثة شيء وضعف الشخصية شيء آخر، والمرأة جمالها بأنوثتها أكثر من جمالها بشكلها، ولكن الواقع اليوم يركّز على الشكل أكثر من الأنوثة، وعندي حالات انفصال وطلاق كثيرة من زوجات جميلات ولكنّهن فاقدات الأنوثة، بينما المرأة التي تمتلك الأنوثة وإن كانت قليلة الجمال، فإنّ الرجل يتعلّق بها كثيرا.
فالأنوثة هي الرقّة والنعومة، والعاطفة والأمومة، والدفء والحياء والدلع، أمّا الذكورة فهي الشجاعة وتحمّل المسؤولية، والجدّية والأبوّة والقيادة، فكلّ أنثى امرأة وليس كلّ امرأة أنثى، وهناك وسائل كثيرة في تربية البنات حتّى نعزّز عندهنّ الأنوثة، منها التغزّل بجمالها ومدح تفكيرها، والشعور بالفخر بأنّها ابنتنا، والدفاع عنها لو تعرّضت لإهانة ومعاملتها بلطف، وتخصيص وقت لتعزيز أنوثتها باهتماماتها النسائية، مثل التجمّل والزينة واللباس، وغيرها من الاهتمامات النسائية.
حتّى مشية المرأة تدلّ على هل هي أنثى أم لا، فقد وصف القرآن الكريم مشية ابنة شعيب عليه السلام، عندما مشت إلى موسى عليه السلام. قال تعالى: “فجاءته إحداهما تمشي على استحياء”، فهذه هي مشية الأنوثة على استحياء، وإذا كانت مشيتها على استحياء فكيف بشخصيتها وأخلاقها.
فالأنوثة هي سرّ جمال المرأة وسرّ جاذبيتها، وهناك علامات تستطيع المرأة أن تظهر أنوثتها للرجل فتجذبه إليها، من خلال الكلام الناعم، ووصفه بالقوّة، والاهتمام بنظارة بشرتها، ووضعها للعطور، واهتمامها بالزينة، وأن تبدع مع زوجها في العلاقة الخاصّة، فتشعره برجولته وتظهر أنوثتها بالكلام والحركات.
كما أنّ هناك تصرّفات تعتبر ضدّ الأنوثة لو عملتها المرأة، مثل كثرة الصراخ، والصوت العالي، والتدّخل في كلّ شيء، والتسلّط والتحكّم، والجفاف في المعاملة، وقسوة الكلام، وطول الخصومة، واستخدام لغة التحدّي والمنافسة، فهذه الصفات تفقد المرأة أنوثتها، وهناك حالات يكون من الصعوبة تربية البنت على الأنوثة في حالة لو كانت وحيدة بين إخوان ذكور، فتكون دلّوعة العائلة وحبيبة أبيها، وهذه الحالة تحتاج لذكاء ووعي من قبل الوالدين حتّى لا تكون صبيّا بجسد أنثى، أو يتمّ تدليلها لأنّها الوحيدة، فتتربّى على الاعتمادية وعدم تحمّل المسؤولية، وتكون دائمة الصراخ والضرب والعصبية، فتفقد أنوثتها من صغرها، ولعلّ المعادلة الصعبة في تربية البنات هي كيف أربّيها على الأنوثة، وبنفس الوقت تكون شخصيتها قويّة.
ومن المدمّرات التربوية للأنوثة أنّ الوالدين ينتقدوا شكلها ووزنها دائما، ويجبرونها على خدمتهم وخدمة إخوانها، وعدم إعطائها فرصة للتعبير عن مشاعرها، والتميّز بينها وبين إخوتها الذكور في المعاملة والعطيّة، وحصر مسؤولية الأعمال المنزلية عليها فقط دون إخوانها، وعدم ضبط حرّيتها في اللباس والتصرّفات والكلام، وعدم إعطائها مساحة لحرّيتها الشخصية في لباسها وترتيب غرفتها، وعلاج مشاكلها، فهذه مجموعة أفكار في تربية البنات على الأنوثة.
بقلم د. جاسم المطوع