يحذر الأطباء النفسيين والخبراء في تربية الأطفال الوالدين من استخدام الأبناء كوسيلة ابتزاز واستفزاز في نزاعهما، ورغم ذلك بعد الانفصال يشهر كلا من الزوجين أسلحتهم ويتناسون حالة السلام، وتنتهي بينهما معاني الحب والاحترام، ويصبح الأبناء الوقود الذي يشعلون به خلافاتهم كعقاب وانتقام من طرف ضد آخر، عندما يمتلك حضانة الطفل أحدهما، ليثير كراهية الطرف الآخر داخل الطفل.

وهذا الطرف لا يدرك أنه عندما يفعل ذلك أنه لا ينتصر في معركته بل ينتزع من طفله سلامه النفسي ويجعله عاجزا في المستقبل عن أن يكون أبا ناجحا أو أما رحيمة.

يؤكد خالد محمد ناصر، الذي يبلغ من العمر 12 عاماً، أنه عاش حياته كلها خوف ورهبة نتيجة مشاكل والديه، ويقول: «بعد انفصال أمي عن والدي مُنعت من رؤيتها وعدم التواصل معها، رغم إلحاحها برغبتها في الاطمئنان علىّ، لكنه رفض ذلك إلاّ بعد موافقتها على عدة شروط أهمها التنازل عن الحضانة».

حكايات وأكاذيب

تعاني «غ. د» من حرمانها رؤية أبنائها الثلاثة، وتقول: «للأسف الشديد عانيت الكثير من طليقي، حيث كان يقوم بحشو رؤوس أولادي بالأكاذيب ويدّعي بأنني إنسانة فاشلة، ووصل به الأمر إلى محاولة فضيحتي على الملأ، وقام أيضاً بالسفر من البلاد ومنعني من التواصل معهم، والآن لا أعرف عنه أو عنهم أي شيء».

وتقول «أ. س»، أم لثلاثة أطفال: «استطاع الأب الانتقام مني، في إبعاد أطفالي، وغسل عقولهم بدعوى أنني تركتهم وذهبت بمحض إرادتي وراء مصالحي الشخصية، مستخدما أسلوب التهديد والترغيب ليتجاوبوا معه ويبعدوا نهائيا عني، مستهدفا أذيّتي النفسية بسبب قرار الانفصال، ومستمرا في ذلك كوسيلة ضغط لعودتي إليه».

فلا يعاني الطفل فقط من الحرمان من استقراره بين أبويه بل وأيضا يعاني من مشاعر الكراهية والحقد النابع من صاحب الحضانة الذي يسعى ليشوه الطرف الآخر.

فكيف تقي طفلك الشعور بالحرمان والكراهية وتحافظ  على علاقتك الطيبة  معه بعد الانفصال؟

1- حافظ على علاقتك جيدة مع شريكك بعد الطلاق

وذلك بتنبيه الطرف الحاضن لأهمية التواصل مع الطفل في الحفاظ على نفسيته وشخصيته سوية قدر الإمكان وأن لا ذنب له في إشراكه فيما حدث بينهما من خلاف وذلك عن طريق إصلاح العلاقة من جديد؛ ورغم أن التعامل مع شريكك بعد الطلاق أمر صعب ولكن هناك بعض المواقف يجب التعامل معها بذكاء خاصة عندما يتعلق بالصحة النفسية لأطفالك. فكلما شعر الأطفال بحبك واحترامك الشديد لشريكك حتى بعد الانفصال كلما كانت حياتهم أفضل ولا يتأثرون بما حدث برغم الانفصال.

ماذا أفعل إذا كان الطرف الآخر يشوّه صورتي أمام الأبناء مستغلا وجودهم في حضانته؟

2- تحدثوا عن الطرف الثاني  بشكل جيد أمام الأطفال

تحدثوا عن الطرف الثاني  بشكل جيد أمام الأطفال وإن علمتم من الطفل أن الطرف الآخر يذكر عيوبكم  فلا تحاولوا إثبات أنكم أفضل من خلال تكذيبه ورميه هو بالاتهامات  بل من خلال التصرفات وحسن معاملتكم للطفل سيدرك الحقيقة مع مرور الوقت فالأطفال أذكياء.

هل أتحدث مع طفلي في أسباب الطلاق؟

3- معرفة متطلبات المرحلة التي يمر بها الطفل والتحدث معه بطريقة صحيحة حسب عمرهم

أحد الأشياء المهمة التي يجب وضعها في الاعتبار عندما يمر الأب والأم بمشكلة كبيرة مثل الانفصال، فيجب الانتباه بالتعامل مع الطفل بشكل صحيح كي لا يؤثر هذا على حالته النفسية. فيجب على الأب والأم إخبار الطفل أو عدم الإفصاح عن الأمر وذلك حسب عمره. وأيضًا طريقة التعامل مع الطفل وقت الانفصال يتم تحديدها حسب سنه.

– إن كان الأطفال بعمر الـ 5 سنوات أو أقل فهم بحاجة إلى الدعم، فغالبًا ما يظنوا أنهم السبب وراء انفصال الأب والأم، لهذا انتبهي جيدًا بقضاء وقت طويل مع الأب وطفلك كي يشعر بالتجمع الأسري الذي يرغب به.

– أما إن كان الطفل في أكثر من 6 سنوات فيمكن أن يتغير سلوكه مع من حوله وربما يصبح أكثر عدوانية لأنه يرغب في التعبير عن غضبه. لهذا يجب احتوائه من خلال تقديم الدعم له والحب الذي يمكن أن يكون بحاجة إليه، كما على الأب أو الأم التحدث معه بصراحة وإخباره سبب الانفصال مع الحفاظ على احترام الطرف الآخر.

– إن كان أبنائك في سن المراهقة فالأمر هنا صعب لأن عادة ما يكونوا حساسين للغاية فيمكن أن يكون عرضة للإصابة بالاكتئاب أو القلق ويمكن أن يؤثر عليهم الأمر بشكل سلبي. لهذا انتبهي جيدًا لتصرفاته وامنحيه الوقت لتقبل الأمر.

4- التواصل وتقديم الدعم العاطفي:

والسؤال هنا هل يمكن التواصل مع الطفل عن بعد لتقديم الدعم اللازم وإزالة الفجوة ؟

الحياة ليست طعامًا وشرابًا وملابس فقط، فمعرفة ما يقلق الأطفال والتعامل معهم على المستويين النفسي والعاطفي، من الأمور التي لا يجب على الأب إهمالها، فلا بد أن يخصص ولو نصف ساعة يوميًّا للاستماع إليهم، والتحدث إليهم في كل ما يخص تفاصيل يومهم ومشاعرهم ومشكلاتهم؛ ليس شرطًا أن يقدم الأب حلولًا، ولكن إبداء الاهتمام، هو ما يحتاجون إليه، ليشعروا بأن هناك من يخاف عليهم بحق، وأن مشاعرهم ليست بأمرٍ تافه، فينشئون قادرين على التعبير عن مشاعرهم، وواثقين في أنفسهم.

إذا كان الطفل في بلد بعيدة عنك بعد الطلاق، فكيف تكسب طفلك قيمك وثقافاتك وتعلمه مبادئ دينه؟

5- ترسيخ القيم والمبادئ:

إن معرفة الصواب والخطأ، والخير والشر، وقيم التعاطف والتسامح، والأخلاقيات المختلفة، جميعها من المسؤوليات التي تقع على عاتق الأب والأم معًا، من خلال تقويم سلوكيات أطفالهما وتعزيز فطرتهم السليمة، ثم يأتي بعد ذلك دور المدرسة والطفل نفسه عندما يتطور وعيه، ويستطيع بعد ذلك التفرقة بين التصرفات السليمة والخاطئة، واكتساب القيم الأخلاقية الصحيحة بنفسه.

ولكن قد يكون الطرف الحاضن يفتقد لوجود هذه القيم فيمكن تشجيع الطفل للتعرف على ثقافة بلده وتعاليم دينه عن طريق تشجيعه للقراءة وإرسال كتب إلكترونية مشوقة وأفلام تعليمية حسب المرحلة العمرية مع تقديم مكافئات له كلما أنهى بعضها، وهذه الطريقة ترسخ التواصل بينهما.

هل وجود أخوة غير أشقاء بعد الطلاق يزيد الفرقة؟

6- استغلال وجود أخوة غير أشقاء لتوطيد العلاقة وليس لهدمها:

عندما يصبح للطفل إخوة غير أشقاء يشعر بمزيد من الحزن لوجود من يأخذ حنان والده أو والدته ويشعر بالغيرة والحقد مما يزيد الفجوة في العلاقة ولكن يمكن عكس هذا الشعور عن طريق تواصل الطفل وتعرّفه على إخوته وتراسلهما معا بشكل مستمر عن طريق برامج التواصل الاجتماعي، وإرسال الهدايا يوطد المحبة ويقلل شعور الغيرة، مع التنبيه على الأطفال عدم التحدث في أمور الوالدين أو التعرض إلى حياتهم الخاصة.

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.