نجيب هنا عن السؤال التالي: كيف أقنع ابنتي بالحجاب.

في جلسة مع الفتيات سألتهنّ عن سبب عدم لبس الحجاب فكان هذا الجواب، قالت الأولى: الإيمان بالقلب، وقالت الثانية: أنا سمينة والحجاب يشوّه شكلي، وقالت الثالثة: ما زلت صغيرة وإذا كبرت سأتحجّب، وقالت الرابعة: كلّ صديقاتي غير محجّبات فلماذا أكون شاذّة بينهنّ، وقالت الخامسة: أخاف أتحجّب فأنسب لجماعة أو طائفة معيّنة، وقالت السادسة: الله الهادي، وقالت السابعة: إذا لبست الحجاب فزواجي يتأخّر، وقالت الثامنة: أخاف أتحجّب ثمّ أنزع حجابي، وقالت التاسعة: الجوّ حارّ وبلادنا لا يناسبها لبس الحجاب، وقالت العاشرة: ماذا أفعل بملابسي الغالية والتي لا تناسب لبس المحجّبات، وقالت الحادي عشر: إنّ الحجاب يعيق الحركة والرياضة والسباحة.

فهذا ما ذكروه ولعلّ من طرائف الأسباب التي سمعتها، أنّ البعض لا يلبس الحجاب لأنّه ليس صحيّا فينشر القمّل بالرأس، وأذكر أنّ فتاة قالت لي يوما: أنا أريد الحجاب ولكن أمّي ترفض الحجاب، فقدّمت برّ والدتي وأطعتها بعدم حجابي، وآخر فتاة قالت: أنا صحيح غير محجّبة ولكنّ قلبي نظيف، وأخلاقي خير من كثير من المحجّبات، إلّا أنّ ردّ الفتاة “سحر” كان أفضل ردّ في حواري مع الفتيات، قالت: الصراحة أنا أعترف بأنّي مقصّرة في حقّ ربّي، وأتمنّى أن أتحجّب، ولكنّي أشعر أنّي غير متهيّئة له الآن، وكلّ يوم أدعوا ربّي أن يشرح صدري للحجاب. 

فالحجاب يعبّر عن هويّة المرأة المسلمة، وهو فخر لها وتاج على رأسها، وقد يكون سببا في حمايتها وحفظها بسبب طاعتها وقربها من الله، والمحجّبة أجرها عند الله كبير، وخاصّة إذا كانت في مجتمع يحارب الحجاب أو يشوّه صورة المحجّبات.

قلت لها: أمّا أنت فعلى الرغم من عدم التزامك بالحجاب، إلّا أنّك صادقة مع نفسك وربّك، فالاعتراف بالخطأ فضيلة وشرف، ثمّ التفت عليّ الفتيات وقلت لهنّ، أمّا من قالت: إنّ الإيمان بالقلب فكلامها صحيح، ولكنّ الإيمان لو كان قويّا فإنّ آثاره تظهر على الجسد ومنها الحجاب، ومن قالت: أنّها سمينة فنقول لها: اجعلي الحجاب دافعا لتخسيس وزنك حتّى تكوني رشيقة وجميلة، ومن قالت: ما زلت صغيرة فنقول لها: إنّ الحجاب تكليف شرعي لا علاقة له بالعمر، فالحجاب يبدأ من وقت البلوغ، ومن قالت: كلّ صديقاتي غير محجّبات، فنقول لها: لتكن شخصيتك قويّة ولو بادرت بالحجاب ستجدين الكثير منهنّ سيتبعك لأنهنّ بحاجة للتشجيع، ومن قالت: تخاف  أن تنسب لجماعة معيّنة بسبب حجابها، فنقول لها: طالما أنّك مقتنعة بما تفعلين فلا يهمّك الناس أو المجتمع، والمهمّ أن يكون ربّك راض عنك، ومن قالت: الله الهادي، فنقول لها: كلامك صحيح ولكن الهداية تحتاج لأن نبذل لها السبب حتّى تأتي، وليكن حجابك سببا من أسباب هدايتك وزيادة إيمانك.

ومن قالت: أخاف أنزع حجابي بعد تحجّبي، نقول لها: إنّ كلامك هذا ينطبق على كلّ شيء، حتّى على الصلاة والصيام وبرّ الوالدين، فهل نترك هذه العبادات كذلك ؟ ومن قالت: إنّ الحجاب يعيق حركتي، نقول لها : بل الحجاب يعطيك حرّية الحركة وأنا أعرف محجّبة  وهي بطلة رياضة السلّة من ذوي الإحتياجات الخاصّة، فلا إعاقتها أعاقتها ولا حجابها قيّد حركتها ومنعها من الرياضة، ومن قالت: إنّ الحجاب يمنع الزواج، فنقول لها: وهل رأيت العنوسة في المحجّبات أكثر من غير المحجّبات ؟ بل نلاحظ اليوم حتّى الشابّ الغير متديّن عندما يرغب بالزواج يشترط فتاة متديّنة، وأمّا من قالت: بأنّها تقدّم برّ والدتها على حجابها فإنّنا نقدر موقفها ونحترمها ونشجّعها لبرّ أمّها، ولكنّ طاعة ربّها أولى وعليها أن تحاول إقناع أمّها بحجابها، وكم من حالة أعرفها كانت الفتاة سببا في حجاب أمّها وهدايتها، وأمّا من قالت: أنّ الحجاب ليس صحيّا للشعر، فنقول لها: هل مرّت عليك امرأة كان لديها مشكلة صحيّة برأسها بسبب حجابها ؟ فابتسمت، فقلت لها: اطمئنّي فلو أصابك مرض فإنّ الشريعة تخفّف عليك وتعطيك رخصة فلا تخافي.

ثمّ قفزت فتاة أثناء الحوار وقالت: أنا يناسبني حجابا مثل زوجة رئيس تركيا، فهو حجاب أنيق وراقي وجميل، قلت لها: إذن تحجّبي مثل حجابها، فالمهمّ في الحجاب أن يكون ساترا ومحتشما. 

وأذكر بالمناسبة الشيخ عليّ الطنطاوي رحمه الله، كان يخشي من عدم تحجّب ابنته الصغيرة، فقال لزوجته اذهبي معها للسوق لتشتري الحجاب الذي يناسبها، فلمّا ذهبت معها للسوق اختارت حجابا من حرير الفاخر بقيمة 40 ليرة، وكان سعر الحجابات وقتها بليرة، فقال الشيخ رحمه الله: وكان مبلغ الحجاب يساوي ثلث راتبي ولكنّي وافقت على شرائه لأحبّب بنتي بالحجاب.

فاليوم نحتاج لمهارات ذكيّة حتّى نحبّب بناتنا بالحجاب، وهناك أربع قواعد أساسية في تحبيبهم بالحجاب وهي :

أوّلا: أن نحاورهنّ بلطف، وثانيا: أن نعبّر عن حبّنا لهنّ، وثالثا: أن نشجّعهنّ على الحجاب، ورابعا: أن نكون قدوة لهنّ في الحجاب، وخامسا: أن نبيّن لهنّ أنّ الحجاب فيه عزّها وشرفها وهو رمز أناقتها وجمالها، وأنّه ليس سجنا أو قيدا عليها.

بقلم د. جاسم المطوع

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.