نجيب هنا عن السؤال التالي: كيف أحصّن ابني واحفظه من الشرّ؟ 

استوقفتني إحدى الأمّهات ذات مرّة وبدأت تحدّثني عن جهودها التربوية لتميّز ابنها الذي لم تنجب غيره، إلّا أنّها أخبرتني أنّها تخاف عليه من العين أو أن يصيبه أذى أو مكروه.

 فقلت لها: أين أنت من أذكار التحصين التي تحفظ أنفسنا وأبنائنا من كلّ شرّ؟ 

قالت: وماذا تقصد بالتحصين؟

قلت: لقد علّمنا النبيّ صلوات الله وسلامه عليه أن نحصّن أولادنا ضدَ مختلف الشرور وخاصّة عندما يكونوا صغارا، فالصغار هم الأكثر عرضة للأذى. 

ولشدّة أهمّيّة تحصين الطفل بذكر الله نلاحظ أنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام قد استعمل أكثر من أسلوب في إيصال هذه الفكرة إلى الآباء والأمّهات.

فلقد كان يباشر تحصين الأطفال بنفسه عندما كان يحصّن حفيديه الحسن والحسين رضي الله عنهما ويعوّذهما كما ورد في الأحاديث. 

قالت: وما هي طريقة التحصين؟ 

قلت: فقد كان يجمع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كفّيه ويضعهما على فمه ويقرأ المعوّذتين ” قل أعوذ بربّ الفلق ” و ” قل أعوذ بربّ الناس ” مع سورة الإخلاص ” قل هو الله أحد ” ثمّ ينفث “ينفخ” في يديه ما قرأ ويبدأ بمسح رأس الطفل حتى يصل إلى قدميه مرورا بكامل جسمه، ثمّ يقول هذا الدعاء: ” أعيذكما بكلمات الله التامَة من كلّ شيطان وهامَة ومن كلّ عين لامَة “. 

وقد كان يعلّم الصحابة من حوله ويريهم ما يفعل ويقول لهم: ” عوّذوا بها أولادكم فإنَ إبراهيم عليه السلام كان يعوّذ بها إسماعيل وإسحاق “. 

فهذه طريقة من طرق التحصين.

وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يحرص أن يعلّم أبناءه الصغار والكبار كلمات دعاء سمعها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليقولوها إذا فزعوا من نومهم أو أصابهم ما يخيفهم، وهذا الدعاء هو قوله عليه الصلاة والسلام: إذا فزع أحدكم في النوم فليقل ” أَعوذ بكلمات اللَه التامَات من غضبه وعقابه وشرّ عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ” فإنَها لن تضرَه. 

فهذا الحديث عبارة عن رقية نبوية لمن استيقظ من نومه وهو فزع أو خائف من أحلام مزعجة أو آلام موجعة.

وكذلك نعلّم أطفالنا قراءة آية الكرسي عند نومهم، فقد ورد في الأحاديث الصحيحة أنّ من قرأها عند النوم لا يزال عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح. 

وآية الكرسي لها فضائل كثيرة جدّا ومنها حفظ الإنسان من الشرور.

وهناك أيضا سورة البقرة، ففي الحديث عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال ” إنّ البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان “، فما الذي يمنع أن نقرأها في بيوتنا يوميا فإن لم نستطع يمكننا فتح شاشة التلفزيون أو فتح مواقع قراءة القرآن في النت لتكون عادة يومية في بيوتنا، فتكون قراءة القرآن سببا في عدم دخول الشياطين في بيوتنا وتكون بيوتنا مباركة.

وفي الختام نقول إنّ التعوّد على أذكار وآيات التحصين لنحصّن بها أنفسنا أو أولادنا لا يعني أن نترك الأخذ بأسباب وتعليمات الوقاية من الحوادث والأخطار والابتعاد عن مسبّبات الأمراض وخصوصا إذا كانت معدية، لكن التحصين بما ذكرنا هو شكل من أشكال الالتجاء إلى الله والاحتماء بجانبه، والله يقول في الحديث القدسي ” من تقرّب مني شبرا تقرّبت منه ذراعا “.

بقلم د. جاسم المطوع

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.