قواعد لعلاقة سليمة مع الطفل تزيد من شعوره بالأمان هو موضوع مقالنا اليوم. لقد ظهرت في السنوات الأخيرة بعض الفلسفات التربوية التي تنصح الآباء بالتواصل والترابط مع أطفالهم منذ الولادة بشكل حميمي والتواصل مع احتياجاتهم النفسية والعاطفية، لكن ما قد لا يعرفه الكثيرون هو أنّ لهذا التواصل والترابط مع الأطفال جانب آخر يتعلّق بالدماغ ونموّه وتطوّره.

ويساعد هذا التواصل الحميمي في تشكيل وصلات دماغ الأطفال ويخلق أنماطا داخل دماغه تمكّنه من تطوير علاقاته المختلفة فيما بعد.

فعلى سبيل المثال، يستطيع الطفل الذي ينعم بالتواصل الحميمي مع أبويه أن يتعامل مع مخاوفه وقلقه بشكل أفضل على مدار فترات نموّه المختلفة، حيث يختزن الدماغ تلك الذكريات العاطفية الخاصّة بالتواصل الحميمي، ورغم أنّ الطفل قد لا يستطيع تذكّرها بشكل واع، لكنّها تؤثّر بشكل مستمرّ على سلوكيّاته ونموّه.

المقصود بالتواصل هنا هو التواصل الآمن، وهو التواصل الذي يشعر فيه الطفل بالأمان والحماية.

يكون الطفل مطمئنّا لوجود أبويه بجواره، وأنّه ستتمّ تلبية احتياجاته النفسية والعاطفية، ليس لكلّ الوقت بالطبع ولا بشكل مثالي في جميع الأوقات، لكن في أغلب الأوقات فهو متأكّد أنّ المربّي متاح لتلبية احتياجاته، فعندما يطمئنّ الطفل لذلك، ويتكرّر ذلك بشكل مستمرّ يبدأ دماغه بالنموّ، خاصّة الفصّ الأمامي المسؤول عن التعاطف والمرونة وفهم الذات والتواصل مع الآخرين بشكل صحّي وسليم واتّخاذ القرارات بشكل جيّد وصحيح.

إليكم أيضا فوائد متعدّدة للتواصل الحميمي مع الأطفال:

سلوكيا: يشعر الطفل بالأمان والثقة المتبادلة والاستقلالية ويتعلّم كيف يعامل الآخرين وسلوكيّاته أفضل، يتفهّم ويستمع لأبويه.

اجتماعيا: يكون اجتماعيا ومتعاونا ومتفهّما ومتعاطفا، ويتعامل مع الأعمار المختلفة بشكل جيّد ويساعد ويشارك، عنده شغف للتعلّم ومتحمّس ومرن، وتقديره الذاتي مرتفع وواثق بنفسه.

عاطفيا: قادر على فهم مشاعره والتعبير عنها وتفهّم مشاعر الآخرين وتقبّلها، عنده حسّ مرتفع لتقييم الخطأ والصواب على مدار سنوات عمره، ومتطوّر أخلاقيا.

كيف نتواصل مع أطفالنا بشكل صحيح؟

1. اجعل وقتك مع أطفالك من أولوياتك وخصّص له وقت يوميا.

2. ابدأ بالثقة وهي أساس أيّ علاقة صحّيّة: تبدأ الثقة منذ الولادة عندما يتعلّم رضيعك أنّك تهتمّ به وتحمله عندما يبكي ويحتاج إليك.

فثقة الأطفال بالوالدين تعتمد على مدى تلبية الوالدين لاحتياجاتهم النفسية والعاطفية وأيضا الجسدية، ومع الوقت نحصل على ثقة أطفالنا بطرق مختلفة، مثل تنفيذ الوعود.

3. التشجيع: هناك مقولة شهيرة للعالم رودولف دريكرز تقول: “التشجيع للأطفال كالماء للنبات”، تخيّل أنّ طفلك مثل النبات الذي ينمو ويزدهر بشكل طبيعي، إن رأيت هذا النبات يذبل وتصبح أوراقه بنّيّة اللون فأنت تفكّر إن كان يحتاج المزيد من الضوء أو الماء وما إلى ذلك، ولكنّك لا تنتقده أو تصرخ به لينمو جيّدا ولا يذبل.

يكوّن الأطفال وجهة نظر عن أنفسهم وعن الكبار في محيطهم وعن العالم، فهم يحتاجون تشجيعك ليرون أنفسهم أشخاصا جيّدين قادرين على فعل أشياء صحيحة وجيّدة، ويحتاجون أن يشعروا أنّك بجانبهم ومعهم.

أمّا إذا كان أغلب ما تقوله لهم هو تصحيح لأفعالهم أو انتقاد فلن يشعروا بأنّهم أشخاص جيّدين.

4. تذكّر أنّ الاحترام يجب أن يكون متبادلا: رغم أنّ هذا مبدأ أساسي لكنّنا ننساه مع أطفالنا لأنّنا نعلم أنّه يجب أن نكون زعماء.

يمكنك وضع الحدود بل ويجب عليك ذلك، لكن إن وضعتها باحترام وتعاطف سيتعلّم طفلك التعامل مع الآخرين باحترام ولا يقبل من الآخرين إلّا التعامل باحترام له أيضا.

5. تذكّر أنّ العلاقات هي نتاج تراكم التفاعلات اليومية: ليس عليك القيام بأفعال خاصّة لبناء علاقة مع طفلك، فالخبر الجيّد هنا والسيّئ أيضا أنّ كلّ تفاعل يومي يؤثّر في العلاقة بينكما.

التسوّق ووقت النوم ونوبات الغضب وخناقات الإخوة: لا يريد أن يشارك لعبته أو يقوم بعمل واجبه المدرسي أو النوم، تعاملك معه في كلّ تلك التحدّيّات اليومية يعتبر حجر الأساس في علاقتكم الدائمة فيما بعد وأيضا يقدّم له نموذج في كيف تكون العلاقات.

6. تبدأ عادات التواصل مبكّرا: هل تستمع إلى مشاكل طفلك الصغير في الروضة أو مع أصدقائه حتى لو لديك من المهامّ ما هو أهمّ من ذلك؟ 

فمن الأرجح أن يلجأ لك ويخبرك بمشاكله عندما يكون مراهقا، لأنّه يعلم أنّك موجود دائما وتستطيع الاستماع له.

7. لا تأخذ الأمور بمحمل شخصي: إذا قام ولدك المراهق بغلق الباب بقوّة، أو قال طفلك ذو العشر سنوات “أمّي أنت لا تفهمينني أبدا”، أو صاح طفلك ذو الأربع سنوات “أبي أنا أكرهك”.

تذكّر دائما ألا تأخذ تلك التصرّفات بمحمل شخصي، فالأمر لا يخصّك كوالد بل يخصّهم هم، فهم بداخلهم العديد من المشاعر المتضاربة ويجدون صعوبة في التحكّم في أنفسهم بحكم السنّ وعدم نضوج قدرتهم على فهم المشاعر والتعبير عنها.

في تلك الأوقات:

– خذ نفسا عميقا.

– ذكّر نفسك بأنّ طفلك يحبّك بالفعل، لكنّه تحت ضغط الغضب في تلك اللحظة.

– أخفض صوتك.

– حاول أن تتذكّر شعورك كطفل غاضب.

– حاول أن تفكّر في كيفية الردّ بتعاطف وبشكل بنّاء.

– فما عليك فعله في تلك الأوقات هو التعامل بتعاطف وحبّ بدلا من الغضب حتى وأنت تضع الحدود.

8. قاوم رغبتك في العقاب: تخيّل ما هو شعورك تجاه شخص يؤلمك أو يهدّدك أو يهينك؟ يحتاج الأطفال إلى توجيهك لكن العقاب يدمّر علاقتكم ويزيد من سوء سلوك الطفل.

9. لا تسمح بتراكم الفجوات في علاقتكما: تذكّر أنّ كلّ تحدّ أو مشكلة هي فرصة للقرب أو لخلق فجوة أكبر.

فحاول ألا تتجاهل المواقف العصيبة واستغلّها في التقارب والتعاطف والتواصل مع طفلك.

المصدر: هافينغتون بوست

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.