عنوان موضوعنا هو: طفلك عنيد؛ سبع خطوات لعلاج هذه الظاهرة. العناد ظاهرة معروفة في سلوك بعض الأطفال، حيث يرفض الطفل ما يؤمر به أو يُصِرّ على تصرف ما.
ويتميّز العناد بالإصرار وعدم التراجع حتى في حالة الإكراه، وهو من اضطرابات السلوك الشائعة، وقد يحدث لمدّة وجيزة أو مرحلة عابرة أو يكون نمطاً متواصلاً وصفة ثابتة وسلوكاً وشخصية للطفل.
متى يبدأ العناد؟
العناد ظاهرة سلوكية تبدأ في مرحلة مبكّرة من العمر.
فالطفل قبل سنتين من العمر لا تظهر مؤشّرات العناد في سلوكه لأنّه يعتمد اعتماداً كلّياً على الأمّ أو غيرها ممّن يوفّرون له حاجاته، فيكون موقفه متَّسماً بالحياد والاتّكالية والمرونة والانقياد النسبي.
وللعناد مرحلة أولى حينما يتمكّن الطفل من المشي والكلام قبل سنّ الثلاث سنوات من العمر أو بعد السنتين الأوليين، وذلك نتيجة لشعوره بالاستقلالية، ونتيجة لنموّ تصوّراته الذهنية، فيرتبط العناد بما يجول في رأسه من خيال ورغبات.
أمّا المرحلة الثانية فهي العناد في مرحلة المراهقة، حيث يأتي العناد تعبيراً للانفصال عن الوالدين، ولكن عموماً وبمرور الوقت يكتشف الطفل أو المراهق أنّ العناد والتحدّي ليسا هما الطريق السويّ لتحقيق مطالبه، فيتعلّم العادات الاجتماعية السويّة في الأخذ والعطاء، ويكتشف أنّ التعاون والتفاهم يفتحان آفاقاً جديدةً في الخبرات والمهارات الجديدة، خصوصاً إذا كان الأبوان يعاملان الطفل بشيء من المرونة والتفاهم وفتح باب الحوار معه، مع وجود الحنان الحازم.
وللعناد أشكال كثيرة:
عناد التصميم والإرادة: وهذا العناد يجب أن يشجّع ويدعّم، لأنّه نوع من التصميم.
فقد نرى الطفل يصرّ على تكرار محاولته، كأن يصرّ على محاولة إصلاح لعبة، وإذا فشل يصيح مصرّاً على تكرار محاولته.
العناد المفتقد للوعي: يكون بتصميم الطفل على رغبته دون النظر إلى العواقب المترتّبة على هذا العناد.
فهو عناد أرعن، كأن يصرّ الطفل على استكمال مشاهدة فلم تلفازي بالرغم من محاولة إقناع أمّه له بالنوم حتى يتمكّن من الاستيقاظ صباحاً للذهاب إلى المدرسة.
العناد مع النفس: نرى الطفل يحاول أن يعاند نفسه ويعذّبها، ويصبح في صراع داخلي مع نفسه.
فقد يغتاظ الطفل من أمّه فيرفض الطعام وهو جائع، برغم محاولات أمّه وطلبها إليه تناول الطعام، وهو يظنّ بفعله هذا أنّه يعذّب نفسه بالتّضوّر جوعاً.
العناد اضطراب سلوكي: الطفل يرغب في المعاكسة والمشاكسة ومعارضة الآخرين.
فهو يعتاد العناد وسيلةً متواصلة ونمطاً راسخاً وصفة ثابتة في الشخصية، وهنا يحتاج إلى استشارة من متخصص.
عناد فسيولوجي: بعض الإصابات العضوية للدماغ مثل أنواع التخلّف العقلي يمكن أن يظهر الطفل معها في مظهر المعاند السلبي.
أسباب العناد
العناد صفة مستحبّة في مواقفها الطبيعية، حينما لا يكون مبالغا فيه، ومن شأنها تأكيد الثقة بالنفس لدى الأطفال، ومن أسبابها:
1. أوامر الكبار: التي قد تكون في بعض الأحيان غير مناسبة للواقع، وقد تؤدّي إلى عواقب سلبية، ممّا يدفع الطفل إلى العناد ردّ فعل للقمع الأبويّ الذي أرغمه على شيء، كأن تصرّ الأمّ على أن يرتدي الطفل معطفا ثقيلا يعرقل حركته في أثناء اللعب، وربما يسبب عدم فوزه في السباق مع أصدقائه.
أو أن يكون لونه مخالفاً للون الزيّ المدرسي، وهذا قد يسبّب له التأنيب في المدرسة، ولذلك يرفض لبسه، والأهل لم يدركوا هذه الأبعاد.
2. التشبّه بالكبار: قد يلجأ الطفل إلى التصميم والإصرار على رأيه متشبّهاً بأبيه أو أمّه، عندما يصمّمان على أن يفعل الطفل شيئاً أو ينفّذ أمراً ما، دون إقناعه بسبب أو جدوى هذا الأمر المطلوب منه تنفيذه.
3. رغبة الطفل في تأكيد ذاته: إنّ الطفل يمرّ بمراحل للنمو النفسي، وحينما تبدو عليه علامات العناد غير المبالَغ فيه فإنّ ذلك يشير إلى مرحلة النموّ، وهذه تساعد الطفل على الاستقرار واكتشاف نفسه وقدرته على التأثير، ومع الوقت سوف يتعلّم أنّ العناد والتحدّي ليسا بالطرق السويّة لتحقيق المطالب.
4. التدخّل بصفة مستمرّة من جانب الآباء وعدم المرونة في المعاملة: فالطفل يرفض اللهجة الجافّة، ويتقبّل الرجاء، ويلجأ إلى العناد مع محاولات تقييد حركته، ومنعه من مزاولة ما يرغب دون محاولة إقناع له.
5. الاتّكالية: قد يظهر العناد ردَّ فعل من الطفل ضد الاعتماد الزائد على الأمّ، أو الاعتماد الزائد على المربّية أو الخادمة.
6. الشعور بالعجز: إنّ معاناة الطفل وشعوره بوطأة خبرات الطفولة، أو مواجهته لصدمات، أو إعاقات مزمنة تجعل العناد وسيلة لمواجهة الشعور بالعجز والقصور والمعاناة.
7. الدعم والاستجابة لسلوك العناد: إنّ تلبية مطالب الطفل ورغباته نتيجة ممارسته للعناد، تُعلِّمه سلوك العناد وتدعّمه، ويصبح أحد الأساليب التي تمكِّنه من تحقيق أغراضه ورغباته.
كيف تتعاملين مع الطفل العنيد؟
يقول علماء التربية: كثيراً ما يكون الآباء والأمّهات هم السبب في تأصيل العناد لدى الأطفال.
فالطفل يولد ولا يعرف شيئاً عن العناد، فالأمّ تعامل أطفالها بحبّ وتتصوّر أنّ من التربية عدم تحقيق كلّ طلبات الطفل، في حين أنّ الطفل يصرّ عليها، وهي أيضاً تُصِرّ على العكس فيتربّى الطفل على العناد وفي هذه الحالة يُفضَّل:
– البُعد عن إرغام الطفل على الطاعة، واللجوء إلى دفء المعاملة الليّنة والمرونة في الموقف.
فالعناد اليسير يمكن أن نغضّ الطرف عنه، ونستجيب لما يريد هذا الطفل، ما دام تحقيق رغبته لن يأتي بضرر، وما دامت هذه الرغبة في حدود المقبول.
– شغل الطفل بشيء آخر والتمويه عليه إذا كان صغيراً، ومناقشته والتفاهم معه إذا كان كبيراً.
– الحوار الدافئ المقنع غير المؤجّل من أنجح الأساليب عند ظهور موقف العناد، حيث إنّ إرجاء الحوار إلى وقتٍ لاحق يُشعر الطفل أنّه قد ربح المعركة دون وجه حق.
– العقاب عند وقوع العناد مباشرة، بشرط معرفة نوع العقاب الذي يجدي مع هذا الطفل بالذات، لأنّ نوع العقاب يختلف في تأثيره من طفل إلى آخر.
فالعقاب بالحرمان أوعدم الخروج أوعدم ممارسة أشياء محبّبة قد تعطي ثماراً عند طفل ولا تجدي مع طفل آخر، ولكن لا تستخدمي أسلوب الضرب والشتائم، فإنّها لن تجدي ولكنّها قد تشعره بالمهانة والانكسار.
– عدم صياغة طلباتنا من الطفل بطريقة تشعره بأنّنا نتوقّع منه الرفض، لأنّ ذلك يفتح أمامه الطريق لعدم الاستجابة والعناد.
– عدم وصفه بالعناد على مسمع منه، أو مقارنته بأطفال آخرين بقولنا: إنّهم ليسوا عنيدين مثلك.
– امدحي طفلكِ عندما يكون جيّداً، وعندما يُظهر بادرة حسنة في أيّ تصرُّف، وكوني واقعية عند تحديد طلباتكِ.
وأخيراً: لا بدّ من إدراك أنّ معاملة الطفل العنيد ليست بالأمر السهل، فهي تتطلّب الحكمة والصبر، وعدم اليأس أو الاستسلام للأمر الواقع.
كان عنوان موضوعنا إذا هو: طفلك عنيد؛ سبع خطوات لعلاج هذه الظاهرة.
المصدر: دعاء العدوي لموقع طريق الإسلام