الأمّ إذا أرادت تنشئة طفل فعليها بالموازنة بين الانضباط والحبّ.
إنّ أحد أساسيات رعاية الطفل يأتي على شكل حبّ.
بصرف النظر عن الحاجة الواضحة للقوت للبقاء على قيد الحياة، يأتي الحبّ على رأس احتياجات الطفل، ويستمرّ ذلك خلال الطفولة حتى سنوات المراهقة.
يحاول معظم الأطفال الصغار التعبير عن هذا الشعور ولا يستطيعون التعبير عنه.
لكن الأطفال في أيّ عمر يحتاجون إلى الحبّ.
هناك شيء آخر ضروري أثناء تنشئة الطفل وهو الانضباط.
مستوى معقول من الانضباط يستفيد منه الطفل طوال حياته.
قد يبدو تطبيق التأديب أكثر صعوبة مع تقدّم الطفل في السنّ، بما يتناسب بشكل مباشر مع قدرة الطفل على التعبير عن نفسه بحزم.
في الواقع، قد يكون تطبيق التأديب على الطفل هو بنفس الصعوبة لأنّها عملية أكثر دقّة.
المراهق الذي يبقى خارج المنزل على الساعة العاشرة ليلا يعدّ مشكلة انضباط صارخة. بالنسبة للبعض، فإنّ طفلا يبلغ من العمر عاما واحدا يبكي إذا تمّ إبعاده عن ألعابه للذهاب للاستحمام أو الذهاب إلى الفراش.
إنّ الآباء يحبّون الطفل ويريدونه أن يكون سعيدا، وعلى الرغم من معرفتهم أنّ الطفل يجب أن ينام، فإنّهم يشعرون بالشفقة عليه ويعيدون إليه ألعابه.
هل يحتاج الطفل إلى الانضباط؟
عادة ما يكون الانضباط مع الطفل حول القوانين المطبّقة في المنزل، حدود ما يسمح له بفعله وما لا يسمح له بفعله.
إذا لم تعجبه الإجابة، فإنّه يحتجّ ويحاول مرّة أخرى؛ ومرّة أخرى.
إذا كانت القوانين التي يحاول كسرها ينالها بسهولة، فهذا يشجّعه على العودة والقيام بذلك مرّة أخرى.
إذا كانت القوانين ثابتة، مع أنّ الوالد الثابت لا ينحني بسهولة، فيستسلم الطفل في النهاية.
الصبر والمثابرة هما أمران حيويّان للانضباط، وإلّا فسيصاب الطفل بالارتباك.
لن يتعلّم ما هو مقبول وما هو غير مقبول إذا استسلمت لاحتجاجاته، وفي يوم آخر لم تفعل ذلك.
إذا نجح الطفل في استخدام الدموع فإنّه يشقّ طريقه ضدّ القانون الذي وضعه الوالد.
حينئذ سيتمّ تأخير وقت الاستحمام والنوم، وتكون النتيجة سيّئة.
أوّلا، لن ينام في الوقت الذي يناسبه، وسيصبح متعبا أكثر من اللازم، وسيبكي بصوت أعلى مع المحاولة التالية لوضعه في الفراش.
ثانيا، نجاحه في منع الاستحمام سيقوّيه في المرّة القادمة.
لقد تعلّم أنّه بالصراخ سيحصل على ما يحبّ.
هل يمكن أن يجتمع الحبّ والانضباط؟
إنّ الحبّ ليس فقط ضروريا لطفل سعيد، بل هو أيضا أقوى سلاح للوالدين عندما يتعلّق الأمر بالانضباط.
كيف يمكن أن يكون ذلك؟
بالتهديد؟
لا، ليست هناك حاجة للقيام بأيّ تهديدات على الإطلاق.
يحتاج الطفل إلى الحبّ.
إنّ الطفل مرتبط بوالديه، و هما الأساس في حياته.
نظرا لأنّه يدرك أنّك لن تكون سعيدا عندما يفعل شيئا خاطئا، فإنّ ما سيؤدّبه في النهاية هو رغبته العميقة في أن تكون سعيدا و لطيفا معه، وإظهار الثناء عليه، وإظهار حبّك له.
يصبح الطفل منضبطا ذاتيا إذا كان هناك ما يكفي من الحبّ في المنزل لجعله يتوق إلى هذا الحبّ أكثر من أيّ شيء آخر.
إنّ تأديب أيّ طفل هو أمر ليس سهلا، ولكن مع الحبّ الكافي يمكن أن تكون عملية سلسة نسبيا إذا رأيت الأشياء من وجهة نظر الطفل، وفهمت أنّ الطفل، في أعماقه، يريد إرضائك أكثر من أيّ شيء آخر.
المصدر: مقالات