سنتناول موضوع المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان أعدّتها حلقة الأسرة والمجتمع مع الدكتور مصطفى أبو سعد.

حلقة الأسرة والمجتمع: (المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان)

تعدّ مرحلة المراهقة مرحلة انتقال جسمي وانفعالي واجتماعي بين مرحلة الطفولة ومرحلة الشباب، ومرحلة المراهقة تعدّ بداية للأخيرة التي هي أوّل مراحل الرشد والنضوج والتكامل الإنساني، ولهذه المرحلة أهمّيتها في حياة الإنسان وفي تكوين شخصيته لما يصاحبها من تغيّرات عظيمة لها آثارها في مختلف مستويات الحياة.

 هناك من يعدّ هذه المرحلة، وأعني علماء النفس، أنّها معقّدة نسبيا حيث ترتبط ارتباطا وثيقا بالوضع الحضاري السائد في المجتمع الذي ينتمي إليه المراهق وعليه تتّخذ المراهقة صورا وأنماطا متعدّدة من بلد إلى آخر وفق الثقافات الموجودة، والعادات المتّبعة، وهذا بالإضافة إلى الاختلافات الفردية بين المراهقين في البلد الواحد ذوي الثقافة الواحدة والعادات المشتركة.

في ضوء هذه المقدّمة هل يمكن أن تعطينا نبذة عن المراهق بصفة عامّة وكيف أنّ اختلاف البيئة والثقافة له أثر عليه ؟

د. مصطفى أبو سعد:

علماء النفس لا يقولون عن المراهقة أنّها معقّدة، هي مجرّد مرحلة عمرية يمرّ بها الإنسان مثل الطفولة والشباب والرجولة والكهولة وغيرها.

هناك أشياء مشتركة بشرية تطبع مرحلة المراهقة بغضّ النظر عن البيئة، وهناك عوامل بيئية تحدّد مسار حياة المراهق إمّا إيجابا أو سلبا.

مظاهر المراهقة العامة هي:

 – معالمها مرحلية عابرة : وهذه أوّل وأهمّ نقطة ينبغي أن نؤمن بها ونعتقد فيها.

   فمعالم المراهقة عابرة وتنتهي وهي مرحلة انتقالية بين الطفولة والشباب (الرجولة).

 – مرحلة التغيرات في النموّ الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي.

 – مرحلة التوجّه نحو اكتمال النموّ والاستقرار تبدأ قبيل البلوغ.

حلقة الأسرة والمجتمع: (المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان)

المراهق يمرّ بفترة من الصراع وعدم الاستقرار، ففترة المراهقة تتميّز عن غيرها من فترات العمر بكثرة ما تمتلئ به من مشكلات.

ولئن كان لبعض هذه المشكلات أساس عضوي ( بيولوجي )، فإنّ بعضها الآخر إنّما هو نتاج إهمال تربوي أو ضعف في التوجيه النفسي، أو قسوة متطرّفة، أو اضطراب في الرعاية البيئية.

وقد أثبتت الدراسات أنّ المراهق لا يتعرّض لأزمة من أزمات النموّ ما دام هذا النموّ يسير في مجراه الطبيعي .

فهل معنى ذلك أنّ هناك علاقة بين الاضطرابات أو الطفرة في النموّ و الحالة النفسية للمراهق .

 وما مدى تأثير ذلك على حياته بشكل عامّ ؟

د. مصطفى أبو سعد:

أريد في هذا السؤال أن أوضّح شيئا مهمّا وأساس وهو أنّ الكثير من المظاهر التي يعتقد البعض أنّها سلبية واضطراب ومشكل هي في الحقيقة شيء طبيعيّ تقتضيه مرحلة المراهقة، ومن الضروري أن يعيشه المراهق، ومن واجب البيئة أن تتقبّل هذا السلوك وتحتضنه بشكل إيجابي.

بينما يعدّ أيّ شدّ مع المراهق وعنف ومحاولة إرغامه للابتعاد عن سلوكيات يساء فهمها محاولة لقتل النموّ الطبيعي أو إخراجه عن الفطرة، فهو هنا بين خيارين إمّا أن يستسلم فتضعف شخصيته وإمّا أن يقاوم فيعاند فتسوء علاقته بمحيطه العائلي.

ومن هذه المظاهر التي تعد طبيعيّة في حياة المراهق ما يلي:

– صعوبة التعبير وعدم التفاعل مع الآخرين ( مشاركتهم عواطفهم).

 – مرحلة تشكيل عاداته وأخلاقه .. التأثّر بمحيط الأسرة – الرفقة والصداقات.

 – مرحلة هدوء حركي وتعويض القوّة في الحركة بالكلام والردود العنيفة.

 – حاجة ماسّة إلى الاختلاء بنفسه – انطوائية وحساسية أحيانا مفرطة.

 – يميل إلى إثارة الآخرين ولفت انتباههم.

 – الميل إلى الفوضى وقلّة الترتيب.

 تصرّفات عابرة لا تمثّل قناعة لديه دون وعي ولا تبرير.

 – رفض الأوامر الكيفية دون مبرّرات.

حلقة الأسرة والمجتمع: (المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان)

نصل معكم في حوارنا الشيّق هذا إلى السؤال الثالث متمنّين استفادة الجميع:

يتمثّل في خصائص فترة المراهقة، وقوّة غرائزها وعنادها واندفاعها والميل إلى مقاومة توجيه الآباء لدى الكثير من أبناء هذه المرحلة، فهل يمكن القول من خلال هذه المعطيات أنّ الوالدين أمام عدّة تحدّيات يواجهانها لكي يحافظ أبناءهما على توازن شخصيتهما من أيّ اختلال قد يطرأ عليها، فإن تصّورنا ذلك، فما هي التحدّيات إذن ؟ وهل الانفتاح بمختلف مجالاته يعدّ واحدا منها ؟

د. مصطفى أبو سعد:

يمكن إعادة صياغة السؤال بشكل مختصر وهو:

كيف نساعد المراهق ليصبح مسؤولا ومستقلا ومتوازنا ؟

لا بدّ من توفّر ما يلي للمربّي الإيجابي:

 – دراية بمعلومات تفيد في التعامل مع المراهق.

 – اكتساب مهارات تمكّن من حسن التعامل.

 – أداء دور مصلح اجتماعي وليس دور قاضي التحقيق أو السجّان.

 – القدرة على الإقناع : يحرص المربّي على عملية الإقناع بدل فرض رأيه.

 – المربّي الإيجابي يرفع المعنويات ويبني الطموح.

 – يوفّر للمراهق ما يرغب في تعلّمه بدل أن يتركه يتعلّم من شباب غير مسؤولين أو من مواقع إباحية أو من أشرطة خليعة.

 – ينشئ الدوافع الإيجابية بداخل المراهق ولا يجعل سلوكه مرتبط بعوامل ودوافع خارجية.

حلقة الأسرة والمجتمع: (المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان)

تعقيب : لكن ألا يمكن أن نعتبر ما يبذله أعداء الدين من جهد لجذب المراهقين بعيدا عن الدين مستخدمين من أساليب التشويق ما يسحر ألباب تلك البراعم البشرية الغضّة، ويزيّن لها طريق الغواية والانحراف ويساهم في تنفيذ مخطّطاتهم تحدّيا يواجه الأسرة، كيف يمكن لنا أن ندحض تلك المخطّطات وكيف يمكن للأسرة مواجهة هذا التحدّي ؟

د. مصطفى أبو سعد

مواجهة التحدّي يبدأ بقيامنا بدور فعّال وإيجابي لبرمجة السلوك الإيجابي وإبعاد أبنائنا عن وسائل البرمجة السلبية التي تصلهم من خلال المسلسلات والأفلام لا سيما العربية منها.

وكلّ شابّ أو مراهق بحاجة للتلقّي ويتلقّى عادة ممّن يعجب بسلوكه وشخصيته وهذه دعوة للمربّين أن يرفعوا من مستوى الرقيّ والتحضّر في شخصياتهم لينالوا إعجاب الفتيان بهم ليتّخذونهم قدوة.

للأسف، المسلسلات قدّمت نماذج أحبّها المراهقون وبعدها أصبحت تمرّر مفاهيم خطيرة لمجتمعاتنا، وما البرامج الرمضانية إلا نموذجا حيث كانت تهدف لنشر مفاهيم منها:

 – تحرير العلاقات بين الجنسين.

 – تشجيع الزواج العرفي.

 – تعليم فتياننا وسائل الانحراف وطرقه السرقة والعصابات.

لذلك أفضل طريق لدحض المخطّطات أن نكون في مستوى تلقين أبنائنا وفهمهم وتوجيههم وذلك برفع مستوانا التعليمي والتربوي.

حلقة الأسرة والمجتمع: (المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان)

السؤال الرابع: عندما نذكر كلمة ( هويّة ) نعني بذلك تعريف الإنسان لنفسه فكرا، وثقافة، وأسلوب حياة، والفرد قد يشترك مع مجتمعه في إطار عام يحدّد الهويّة العامّة، لكنّه يختلف في درجة الوضوح، والاقتناع، والالتزام بهذا الإطار، وذروة البحث عن ( الهوية ) تقع ما بين 12-18 سنة، وفي مرحلة أزمة ( هويّة )، تمضي بالمراهق كمحصّلة للصراعات وغيرها والتي عاشها وهو صغير إلى الشعور بالهويّة أو عدم تعيين الهويّة، حيث الشعور بالاغتراب أو الانطوائية وعدم القدرة على اكتشاف القدرات بسبب القلق وفقدان الثقة وما إلى ذلك.

فما الذي ينبغي أن يلجأ إليه الوالدان خاصّة والمقربّون منه بعامّة لتلبية حاجة المراهق إلى تلك ( الهويّة ) بأسلوب صحّي مثمر ؟

د. مصطفى أبو سعد:

يمكنك منح محبّتك للأبناء لكن لا يمكنك إعطاء آرائك لأنّ لديهم آراءهم الخاصّة.

الحوار الذي يبني الدافع الداخلي من خلال:

 – تحديد الأهداف في حياته.

تحديد القيم الجوهرية وهي : الله، الصحّة، العلاقات الشخصية، الجانب التعليمي، الجانب المادي والحفاظ على القيم بالأولويات المذكورة.

– إشعاره باهمّية العلم في تحقيق الذات.

– الشعور بقيمة التميّز في الحياة.

الاقتناع بأهمّية العلم في التكيّف الاجتماعي وتحقيق الذات بالمجتمع.

الخطوة الثانية : ربطه بجماعات الصحبة الصالحة، والانتماء حاجة نفسية لا غنى للإنسان عنها.

حلقة الأسرة والمجتمع:

العاطفة أو الحبّ : انفعال وجداني يوجّه سلوك الفرد نحو ذات المحبوب، وهذا الانفعال يتميّز بكثرة مجالاته في النفس الإنسانية، وخاصّة في مرحلة المراهقة حيث يتّسع مجال الشعور الوجداني للمراهق وتتعدّد موضوعاته، وتتنوّع وتتمايز.

وهناك من علماء النفس من يقتصرون في دراستهم للحبّ على حبّ الذات والحبّ الجنسي والحبّ الأسري ولا يتعرّض لحب الإنسان لله وحبّه للأنبياء والرسل، وحبّه للمثل الإنساني، كما أنّ حبّ الله ينشئ الخلق القويم حتما، ويبعد المراهق خاصّة والإنسان عامّة عن الدنايا ويدفعها إلى فعل المكرمات كما أنّ حبّ الله يوقظ في نفس المراهق الإحساس الدائم بنعم الله وفضله ويسمو بها إلى مقام الشكر على النعم، وهذا الشعور من أقوى الحواجز التي تحول دون انحراف السلوك في مرحلة المراهقة.

في ضوء ذلك هل كلّ أسرة قادرة أن توجّه أبناءها التوجيه الأمثل لتنمية الجانب الانفعالي ليصل إلى المرحلة التي ذكرنا ؟

وإن لم يكن فما الطرق التي من خلالها تستطيع الأسر أن تجعل أبناءها يصلوا إلى تلك المرتبة السامقة من تربية للنفس ؟

د. مصطفى أبو سعد:

المراهق يتعلّم الحبّ الطاهر والحبّ الحقيقي إذا شعر بقيمة الحبّ وسط الأسرة ولذلك ينبغي إشباع حاجته للحبّ من خلال العلاقات الأسرية بدل أن يحاول إشباعها بطرق سلبية وغير سويّة.

ولذلك نقول:

 – علّم ابنك المحبّة بمحبّته ومن لا يعبّر عن المحبّة لا يحبّ.

– و كن مصغياً جيداً لابنك.

 إنّ حاجة الطفل أن يُحَبَّ لا يمكن لأيّة هديّة أن تعوضّها.

 ابن القيم الإيجابية لديه وكلمّه عن الله باستمرار وعلّمه قيمة الإيمان بالله ثمّ ابن معتقده حول ربّه سبحانه وبعد القيم والمعتقدات تبدأ رحلة المشاعر والأحاسيس التي بها الحبّ لله ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم.

حلقة الأسرة والمجتمع: (المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان)

كيف يستطيع الأبوان تلبية حاجات المراهق ليساعدا على ضبط مشاعره الفيّاضة في هذه المرحلة النمائية التي تفيض بالحبّ والحنان ؟

وهل ما قدّمنا عنه قبل قليل تجاه الجانب الانفعالي والوجداني للمراهق يعدّ غذاء مناسبا للمراهق ؟ أم أنّ هناك غذاء آخر ترى من الأهمّية تركيز الوالدان عليه حيث يعدّ من متطلّبات هذه المرحلة ؟ وهل عدم قيام الوالدين بإشباع دافع الحبّ والحنان لدى المراهق قد يؤدّي إلى نتائج سلبية أم أنّ الأمر عادي لا يصل إلى الخطورة التي يتصوّرها البعض ؟

د. مصطفى أبو سعد:

أيّ نقص في الحاجات النفسية للمراهق تعني اختلال في التوازن النفسي، فإذا قصّر الوالدان في حبّ ابنهما بالطريقة السليمة فإنّه سيبحث عن المحبّة وتعويضها بكلّ الطرق التي قد يتعرّف عليها، وفعلا الموضوع خطير ومهمّ جدا.

حلقة الأسرة والمجتمع: (المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان)

يجب على الوالدين أن يعنيا العناية كلّها بإحياء الوازع الديني في نفس المراهق وأن يتّخذا منه وسيلة لتحصين القيم الأخلاقية عنده ومن الأساليب التربوية التي يستخدمها الأبوان تعويده على ممارسة النقد الذاتي.

ماذا نعني بعملية النقد الذاتي ؟ وكيف يمكن أن يقوم بها المراهق ؟ وما المزايا والفوائد التي تعود على المراهق من جرّاء قيامه بهذه العملية ؟

د. مصطفى أبو سعد:

المراهق يكون في بدايات تعلّمه التفكير ولذلك ينبغي استغلال هذه المرحلة من حياة المراهق في تعليمه طرق التعامل مع الذات وحبّ الذات وتقبّل الذات وهي مفاهيم جدّ أساسية في حياة الإنسان بصفة عامّة، أما النقد الذاتي فهي مرحلة لاحقة لا ينبغي إقحام المراهق فيها وهي مرحلة سيصل لها كشاب ورجل يبدأ تقييم سلوكيات المرحلة السابقة ( المراهقة).

النقد الذاتي مهمّ للشباب لكنّه بالنسبة للمراهق عملية خطيرة من الناحية النفسية لأنّها قد تولّد لديه سلوكيات سلبية منها:

جلد الذات، الكبت، الندم المستمر، الإحباط، الفشل والاقتناع بالفشل، الصورة الذاتية السلبية، قلّة التقدير الذاتي.

حلقة الأسرة والمجتمع:

يتمتّع المراهق بطاقة هائلة وتفتّح عقلي مذهل وأحد أوجه صرف هذه الطاقة هو توجيهه إلى التدبّر في نواميس الكون، ولا سيما أنّ هناك من لديه حماس ديني.

فأتوقّع أنّ هناك ثمارا ستؤتي أكلها إذا ما لقيت التوجيه المناسب لصرف هذه الطاقة، فما الذي ينبغي على المجتمع عموما أن يفعله تجاه هؤلاء بما يعينهم على تنمية قدراتهم الفكرية والعقلية ؟

د. مصطفى أبو سعد:

– تشخيص مبكّر للمواهب والقدرات من خلال اختبارات ذكاء وأشهرها بينية.

– تأسيس أندية علمية تحتضن المواهب وتصقلها لدى المراهقين.

– إدخال مادّة المهارات الفكرية ومهارات الحياة بالمقرّرات الدراسية.

– تشجيع تجمّعات الفتيان المنظّم من مثل الكشافة وجمعيات التطوّع والعمل الخيري والرياضي.

حلقة الأسرة والمجتمع : (المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان)

هل هناك علاقة بين تلبية حاجيات المراهق النفسية وحاجياته المادّية وكيف يمكن للوالدين تلبية الحاجيات النفسية لأبنائهم عند انعدام مقدرتهم أو نقصانها في تلبية الحاجيات المادية؟

د. مصطفى أبو سعد:

الحاجات النفسية أهمّ من المادية، وهي متوفّرة عند الجميع وفي الوقت نفسه هي أصعب لمن لا يعرف كيف يتقن فنّ إشباعها.

النقص المادي ممكن أجعل منه تحدّي يدفع للعمل والمثابرة والجدّية، أمّا الحاجات النفسية فلا يمكن إلا إشباعها أو يقع اختلال نفسي في حياة الإنسان.

ومن هذه الحاجيات:

 – الحاجة للحب والانتماء.

 – الحاجة للقوة والتقدير.

 – الحاجة لتحقيق الذات.

 – الحاجة للحرية.

حلقة الأسرة والمجتمع:

هل لمرحلة المراهقة علاقة بظاهرة الميل الديني لدى بعض المراهقين والتي لا تلبث أن تزول بعد بلوغ الشاب عمر الـ 18 سنة؟

وهل مرحلة المراهقة تعتبر مرحلة تخدم الإسلام أم هي عبء عليه كما هو ملاحظ اليوم؟

د. مصطفى أبو سعد:

المراهقة مرحلة نمو بشرية ليست عبئا ولا مشكلا بل ممكن أن تكون قوّة الإنسان في هذه المرحلة وتوجّهه للإسلام والتديّن حتى يصل إلى قمّته في المراهقة.

لماذا ينكص البعض لمّا يصل الـ 18 سنة ؟

قد يكون تحمس للتديّن ولم يجد من يوجّهه للاعتدال، وعادة التحمّس شعلة وتنتهي بانتهاء المراهقة، لذلك وجب عدم تحميس المراهق لأنّه أصلا مندفع.

حلقة الأسرة والمجتمع: (المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان)

كيف يمكننا استعادة ثقة شابّ مراهق في نفسه بعد أن فقد ثقته في الآخرين نتيجة تجربة مرّ بها مع أحد أصدقائه فلم يعد يثق في جميع من حوله على الإطلاق وكاد أن يفقد على أثرها دراسته بالإضافة الى حالة غيبوبة عانى منها لساعات طوال وحاليا وبعد الحجم الهائل من الخسائر الذي خرج بها، لا يستطيع الثقة في أيّ كان.

د. مصطفى أبو سعد:

الثقة بالنفس تتشكّل من خلال أربع خطوات:

– المفهوم الذاتي:

تصحيح مفهوم الإنسان عن نفسه من هو ؟ ما هي قيمه ؟ ما هي برمجته ومعتقداته عن نفسه وعن غيره وعن الحياة.

– التقدير الذاتي:

أن يتقبّل المراهق ذاته كما هي ولا يرفض أيّ شيء منها مثل اللون أو الشكل أو القبيلة أو الجنسية أو المهنة.

و عليه أن يحبّ نفسه وذاته كما هي ويتقبّلها.

– الصورة الذاتية:

ماذا أرى عن نفسي وما هي الصورة التي أحملها عن نفسي، هل هي إيجابية أم سلبية ؟

هل أرى نفسي ذكيّ، شاطر، قويّ، أستطيع أقدّر أم غبيّ ضعيف.

– تحقيق الذات:

أن يسلك سلوك الأقوياء الواثقين بأنفسهم ويتحرّك مثلهم ويتصرّف كواثق بنفسه.

أمّا الثقة في الآخرين فيكفي أن يبدأ الثقة ببعض أقرب الناس إليه وتدريبه على عدم التعميم في الحكم.

ويمكنه مخالطة من يحبّ بكثرة ليعيد بناء الثقة بالتدرّج.

حلقة الأسرة والمجتمع: (المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان)

هل مرحلة المراهقة تختلف في الشابّ عنها في الفتاة ؟

د. مصطفى أبو سعد:

بالتأكيد تختلف من الفتاة للفتى ولكلّ خصائصه إلا أنّها قد تكون أصعب على الشابّ منها على الولد لعدّة أسباب منها:

 أنّ الفتى لا يجد من يعلّمه أشياء كثيرة لا سيما في ظلّ وجود انغلاق عند الآباء في التعامل مع أبنائه الذكور وخجل بين الإبن الفتى وأمّه، بينما الفتاة تجد انفتاحا واسعا عند أمّها.

 إضافة أنّ الفتى بسبب الحرّية المتاحة له مقارنة مع الفتاة فهو معرّض لتجارب خارجية قد تعقّد النموّ الطبيعي لديه.

حلقة الأسرة والمجتمع: (المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان)

 هل هناك مرحلة عمرية معيّنة مرتبطة بالمراهقة أم أنّها حالة نفسية غير مرتبطة بمرحلة عمرية معيّنة؟

 ما المقصود بالمراهقة المتأخّرة ؟

 هل مرحلة المراهقة مصير حتميّ يجب أن يمرّ به كلّ إنسان؟

د. مصطفى أبو سعد:

 هي مرحلة عمرية تبدأ من 13 سنة غالبا عند الفتى وأقلّ من هذا السن عند الفتاة، وممكن أن تكون في سنّ أقلّ أو أكثر بثلاث سنوات.

 هي حالة نموّ عضوي وانفعالي ونفسي مرتبطة بعمر معين.

 أمّا ما يتحدّث عنه البعض بالحالات النفسية فهذا تشبيه في سلوكيات إنسان بسلوكيات مراهق.

 وعموما تبقى المصطلحات المراهقة المتأخّرة للبعض مصطلح شائع لكنّه غير علميّ.

هل مرحلة المراهقة مصير حتميّ يجب أن يمرّ به كلّ إنسان؟

 نعم مرحلة حتمية لأنّها مرحلة البلوغ والتكليف وهي فطرية إلا أن يكون الإنسان يعاني إعاقة شديدة في الضعف العقليّ الذي لا يكتمل فيه النموّ ويتوقّف في سنّ معيّنة.

حلقة الأسرة والمجتمع: (المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان)

إذا كانت فترة الطفولة في حاجة إلى رعاية شديدة من الوالدين، لأنّها الفترة التي توضع فيها الأسس التي ترتكز عليها الشخصية فيما بعد، فإنّ مرحلة المراهقة أشدّ حاجة إلى الرعاية لأنّها تعدّ منعطفا مهمّا في حياة الفرد، فإمّا استقامة يكون الانحراف بعدها نادرا، وإمّا انحراف تكون معالجته صعبة وشاقّة.

ومما يتطلّب من الوالدين، تربية كاملة شديدة الالتصاق والاحتكاك والتوجيه، حيث نجد تأثّر بعض الأبناء بالآخرين كبير جدّا في هذه الفترة، من حبّ التقليد والظهور والانخراط في تيار الفساد كذلك دون رادع من دين أو وازع من ضمير.

فلأجل ضمان سلامة هؤلاء الأبناء، ما الذي يجدر بالوالدين اتّباعه لأجل تحذيرهم من الوقوع في مغبّة الفساد والارتفاع بأنفسهم عنه ؟ وماذا ينبغي عليهما كذلك ليساعداهما على النجاح في علاقاتهما الاجتماعية ؟

د. مصطفى أبو سعد:

 – ينبغي تعريف المراهقين بما نريد منهم، نقول لهم ما نريد ونركّز على ما نريد بدل التركيز على ما لا نريد، ونقدّم هذا بشكل حواري مستمرّ معهم بهدوء ونركّز بداية على القيم و أهمية السلوك الذي نريد.

 – ثمّ نبني المعتقدات الايجابية عن السلوك.

 – ثمّ نحبّب السلوك لهم بالحوار، المدح، الافتخار والاعتزاز لنبني الأحاسيس والمشاعر، ثمّ أخيرا نعلّمه السلوك الإيجابي بلغة ترغيبية.

 كذلك ينبغي التركيز على تعليم أبنائنا المهارات الاجتماعية، يعني فنون التعامل مع الناس ومع الذات وحلّ المشكلات.

 – تشجيعهم على الاعتماد على النفس.

حلقة الأسرة والمجتمع: (المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان)

ألا ترى أنّ تهويل علماء النفس في وصف المراهقة بتلك الحالات فيه نوع مبالغة مع إيماننا بتفاوته بين الأفراد والذي في نفسي أنّ معظم التحاليل كتبت ابتداء من علماء أوروبيّين يعايش مجتمعهم الفجوة العاطفية والاضطراب النفسي والتفكّك الأسري، لذا كانت تحليلاتهم كذلك. ما هو رأيكم؟

د. مصطفى أبو سعد:

علماء النفس لم يهوّلوا مرحلة المراهقة، إنّما ضخّمها من يجهلها من عامّة الناس، فهي مرحلة نموّ طبيعية عند علماء النفس، غربيّين كانوا أم غيرهم.

الناس أصبحت كلمة مراهقة عندهم شتيمة، وهذا خلل في التعامل مع المصطلح.

حلقة الأسرة والمجتمع: (المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان)

ما هي الخطوات التي يعدّها الأب لابنه لكي يتخطّى مرحلة المراهقة بنجاح ؟

د. مصطفى أبو سعد:

أفضل إعداد للمراهق هو: تربيته تربية إيجابية أثناء الطفولة.

الطفولة أهمّ مرحلة في حياة الإنسان وأكثر من 90 في المائة من سلوك الإنسان يبرمج في سنّ من الميلاد لسبع سنوات.

حلقة الأسرة والمجتمع: (المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان)

عندما نقول أنّ الضرورة تحتّم على الجميع أن يبحثوا عن السبل التي تعين على توعية المراهق فكريا تجدهم يضعون أمام السائل العناصر التالية:

 1. التلقين الواعي.

 2. القدوة الواعية.

 3. المطالعة الواعية.

 4. الرفقة الواعية.

تلك هي عبارات جامدة، فهل يمكنك أن تدلّل لنا ولو بمثال أو طريقة معيّنة لتحقيق كلّ عنصر ممّا ذكرنا حتى نخرج بهذه العبارات إلى التطبيق العملي في حياة المراهق ؟

د. مصطفى أبو سعد:

التلقين الواعي:

علّم المراهق ما تريد منه وبرّر له ما تريد، حاوره بهدوء حول القيم والمعتقدات.

القدوة الواعية:

اجعل المراهق يعجب بك ثم يحبّك ليقلّدك، احرص على صداقته.

الرفقة الواعية:

الصحبة الصالحة و رفقاء الخير.

و هكذا نكون قد تناولنل موضوع المراهقة وأثرها في بناء شخصية الإنسان.

حوار مباشر مع د. مصطفى أبو سعد من طرف حلقة الأسرة والمجتمع.

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.