نتناول هنا موضوع السلوك التخريبي عند الأطفال و نحاول تحليل هذه الظاهرة و إيجاد الحلول لذلك.

النشاط و الحركة و حبّ الإستطلاع من طبائع الأطفال التي لا يمكن إغفالها في سلوكهم اليومي. 

لذلك فمن المهمّ أن لا يعتبر الإتلاف سلوكاً تخريبياً.

و في الغالب أنّ الطفل يعبث بالأشياء و يمزّقها و يكسرها من باب الفضول و حبّ الإستطلاع لا من باب التخريب المحض. 

و حينما لا يحسن الطفل مسك الأشياء و جذبها و تناولها فمن المتوقّع أن يلحق بها الضرر لجهله بكيفية التعامل الصحيح معها. 

و الطفل الصغير قد يعبث بالأشياء جهلاً بقيمتها و قد يلوي ذيل حيوان أليف مثلاً لأنّه يحدث صوتاً أو يخرّب ملابسه ليبدي قدرته على إستخدام المقصّ.

و على العموم فكلّما كان الطفل صغيراً لا يعرف الكثير عن الأشياء كلّما ازدادت رغبته في العبث بها و تحليلها و فكّها ليتفحّص ما في داخلها. 

لذلك فالطفل يمسك بشيء و يتفحّصه و قد يتذوّقه و يحرّكه بقوّة ليرى إن كان يحدث صوتاً ثمّ يرمي به ليرى تأثير ذلك. 

و قد ينطبق ذلك على كلّ ما يقع تحت يده من تحف و كتب و أشياء ثمينة. 

و كلّما تقدّم الطفل في السنّ كلّما طوّر أساليب عبثه، حتى يصير تخريب الطفل إبن الخامسة منهجيّاً نوعاً ما، فيفكّ الساعة و شريط الفيديو و الدرّاجة.

أنواع السلوك التخريبي: هناك عدّة أنواع للسلوك التخريبي و هي:

السلوك التخريبي البريء: قد يكون الطفل مندفعاً و يظهر هذا النوع في الأطفال الذين لا يدركون قيمة الأشياء و يتميّزون بالنشاط والحركة دون كلل ولا ملل. 

لا يمسك أحدهم شيئاً حتى يحلو في عينيه شيء آخر لا يتردّد في الإتّجاه له و العبث به. 

و لا يهمّهم في النهاية إعادة الأشياء إلى ما كانت عليه، و لا ينفع معهم العقاب و لا التنبيه.

التخريب الفضولي المنظم: و يظهر هذا الشكل في الأطفال في سنّ الخامسة و السادسة من العمر. 

و يغلب على هؤلاء الأطفال محاولة إرجاع الأشياء لما كانت عليه و إعادة تركيبها، و في الغالب فإنّهم مهما أعادوه لوضعه السابق فلن يكون بحالته الطبيعية.

التخريب اللاواعي: و هنا يلمس الطفل الشيء فيخرب بين يديه و تسقط الأشياء بمجرّد ملامستهم لها دون قصد و يصطدمون بالأشياء فتسقط و تتلف في حين أنّهم قد لا يحسّون بما اقترفته أيديهم من خراب و دمار. 

و أخيراً فهناك الطفل الذي يتمتّع بطاقة عضلية قويّة فتتلف الأشياء تحت قدميه و تنقلع الستائر و تتكسّر الكراسي و الطاولات بسبب حركته و خصامه مع إخوته و قفزه و هياجه كالثور الصغير.

بعد النوع البريء من التخريب يأتي النوع المتعمّد الذي قد يحدث في إطار شلّة أو عصابة تحدث الأذى و الخراب لتفريغ طاقة أو لإشباع رغبة المحاكاة و التقليد و مسايرة الجماعة “ضغط الأقران”. 

و من أمثلة سلوك هذه العصابات الصغيرة تكسير زجاج نوافذ المدرسة و مصابيح الشارع و أشجار الحدائق و الكتابة على الجدران.

و هذا النوع من التخريب رغم أنّه متعمّد إلا أنّه لا يقصد منه الأذى لذات الأذى، و يحدث في أطفال العاشرة إلى الخامسة عشرة سنة.

كذلك من أشكال التخريب المتعمّد ما يكون نتيجة تخطيط مقصود لذات التخريب و الأذى حيث يشعر بعده مرتكبه بالمتعة. 

من أمثلة ذلك إشعال النيران في ستارة الجيران و التمتّع برؤية الهلع على وجوه أصحاب المنزل. 

و قد يستغلّ الأطفال الصغار بدفعهم على الأرض أو خطف ممتلكاتهم و يهرب ضاحكاً عليهم. 

و قد يضع المسامير تحت أرجل المارّة ليستمتع برؤية الألم. 

و منهم من يسكب البنزين مثلاً على منعطف في الطريق ليضحك ملء فمه و هو يرى السيارات تفقد صوابها و قائدها يحاول التشبّث بها لإيقافها قبل فوات الأوان. 

و هؤلاء الأطفال يكونون أيضاً من أبناء العاشرة إلى الخامسة عشرة سنة.

أسباب السلوك التخريبى:

في كثير من الأحيان لا يعدو السلوك التخريبي أن يكون مرحلة عابرة عندما يضيق الطفل بمكان اللعب أو من باب حبّ الإستطلاع و الفضول. 

و من الصعب تحديد سبب بعينه مسؤولاً عن السلوك التخريبي. 

و في الغالب فإنّ عددا من العوامل تتظافر لينتج عنها سلوكاً تخريبياً. 

فالنشاط الزائد لدى بعض الأطفال مع عدم توافر الطرق المنظّمة أو الأماكن المناسبة لتصريف هذه الطاقة ينتج عنه سلوكاً تخريبياً. 

كذلك فإنّ اختلال الغدد الصمّاء قد يؤدّي لتوتّر وعدم استقرار.

و لا شكّ أنّ مشاعر الغيرة نتيجة التفرقة في المعاملة أو وصول مولود جديد، أو مشاعر الكراهية تجاه شخص أو فئة من الناس قد يولّد سلوكاً تخريبياً موجّهاً.

أمّا من النواحي النفسية الشخصية فإنّ الاكتئاب النفسي في مرحلة الطفولة و المراهقة قد يظهر على شكل نقمة و سلوك عدواني تخريبي يصاحبه شعور بالنقص و الدونية و كراهية الذات. 

و لا يفوتنا أن نذكر هنا أنّ الطفل قليل الذكاء قد يرتكب بعض السلوك التخريبي إمّا نتيجة مباشرة لقصوره العقلي أو إستغلالاً من الآخرين الأشقياء.

كيفية علاج السلوك التخريبى:

للعلاج الصحيح لا بدّ من التفريق بين التخريب الطبيعي وغير الطبيعي. 

و لذلك لا بدّ من دراسة كلّ حالة للتعرّف على التخريب غير الطبيعي و أسبابه و دوافعه.

كما لابدّ من توفّر الألعاب المناسبة للطفل من ناحية عمره و قدراته و الابتعاد عن القطع الصغيرة و المعقّدة التركيب، وكذلك توفّر المكان المناسب و الفسيح الكافي لتفريغ طاقته و إستيعاب نشاطه. 

و قد ينصح بالرياضة و الإلتحاق بالنوادي و الدورات و المنافسة البريئة.

كما لا ينبغي التغاضي عن عرض الطفل على الطبيب لاستبعاد أيّ مشكلة عضوية قد تكون سبباً لسلوكه التخريبي.

و في محيط الأسرة لا بدّ من التنبّه للابتعاد عن التوجيه المباشر على كلّ صغيرة و كبيرة لأنّ ذلك يفقد التوجيه قيمته التأديبية و يفقد الطفل الثقة في إمكاناته.

و على العموم فإنّ العلاج السلوكي غالباً ما يتمّ في إطار علاج فردي مباشر و لكن بحضور أحد أفراد الأسرة لتعميم الوسيلة العلاجية و تطبيقها بالتعاون بين المنزل و المعالج.

المصدر: مقالات

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.