تعدّ الأخوة من أجمل وأعظم العلاقات الإنسانية وكما قيل الأخ سند والأخت هي الأمّ الثانية.

أن تربّي ابنك على حماية أخته من غير تسلّط أو ذكورية، وأن تربّي ابنتك على الثقة بنفسها والاعتزاز بحماية أخيها من غير تمرّد، إنّ هذا المنهج في التربية دقيق جدّا، يغرس حبّ الإخوان لبعض وإن كانوا ذكورا أو إناثا. 

فعندما يضرب الأخ أخته ويستعرض قوّته، علينا أن نوقفه ونزجره ونقول له: الأخ لا يضرب أخته بل يحميها ويساعدها ولا يؤذيها، ومن يضرب أخته أو يترك أحدا يؤذيها فهو جبان. 

وعندما ترفض أخته اللعب معه، أو إعطائه شيئا من أغراضها، أو رفض الاستماع له علينا أن نزجرها ونقول لها: الأخت قويّة بنفسها و بأخيها، والأخت لا تتخلّى عن أخيها عند الحاجة. 

فكلّ هذه المعاني التربوية ينبغي أن نرسّخها قبل البلوغ، ومن يهمل هذه التربية، يكون سببا في وجود العداوة والانتقام والظلم بين الإخوة والأخوات إذا كبروا.

هذا المنهج يتعارض مع التربية الغربية والتي تعتمد على “الأنانية”، وهي تركّز على أنّ كلّ واحد يركّز على نفسه ويقوّيها. 

فالعلاقة بين الإخوة والأخوات ليست أولويّة بالحياة، أمّا نحن فالترابط الأسري من أولى الأوليّات عندنا، ومن يتأمّل قصّة موسى وأخته يلاحظ قوّة العلاقة بين الأخ وأخته، فلمّا ألقت أمّ موسى طفلها باليمّ، أمرتها أمّها أن تتّبع أخباره، ولم تقل لها ردّيه إليّ حتّى لا يشكّ حرس فرعون بعلاقتها بأخيها فتحافظ عليه. 

وعندما رأت الحرس يسألون عن مرضعة، قالت لهم هل أدلّكم على أهل بيت “يكفلونه لكم” ولم تقل “يرضعونه لكم”، حتّى لا تظهر علاقتها بأخيها، وهذا ذكاء منها لحماية أخيها موسى عليه السلام، كما أنّها لم تقل لهم “أنا أعرف بيتا وسأدلّكم عليه”، بل كلّمتهم بأسلوب السؤال حتّى تترك الخيار لهم، وتظهر بمظهر المقترح لحلّ المشكلة، ولم تقل لهم أدلّكم على “امرأة” بل قالت “أهل بيت”، حتّى لا يشكوا فيها، فهذه شجاعة نادرة وحكمة بالغة.

إنّنا نشاهد اليوم حرب وقطيعة بين الإخوة والأخوات، وفي الغالب يكون الخلاف في المعاملة أو الجانب المادي، ولهذا الله تعالى ذكر هذه المسألة في الميراث حتّى لا يحصل الظلم: “وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ ۚ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ”. 

والنبيّ الكريم صلّى الله عليه وسلّم أمر الأخ بالاهتمام بأخته وله أجر عظيم لو أعطاها من ماله أو دعّمها معنويّا، فقال “من أنفق على ابنتين أو أختين أو ذواتي قرابة يحتسب النفقة عليهما حتّى يغنيهما الله من فضله عزّ وجلّ أو يكفيهما كانتا له سترا من النار” رواه أحمد. 

لاحظ معي النصّ “حتّى يغنيهما الله من فضله”، يعنى استمرار السؤال عنهم ومتابعة حالتهم.

كما أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعلن إعلانا مدوّيا : “إنّما النساء شقائق الرجال”، ومعنى هذا الحديث أنّ النساء هنّ مثل الرجال، وإن تكفّل الرجال بالنفقة والحماية والرعاية والكفاية، لا يجعل منهم أسيادا عليهنّ، بل على العكس من ذلك أنّهنّ قويّات وأنّهنّ يقمن بأدوارهنّ دون حجز لحرياتهنّ، إنّهنّ مثل الرجال في الأدوار، فأين نجد هذه التربية المتوازنة السويّة الحكيمة في غير الإسلام؟ 

ما أحوجنا إلى النهج القرآني والنبوي في تربية أبنائنا وبناتنا، حتّى تكون علاقة الإخوان بالأخوات صحّية وسليمة.

وفي النهاية نقول لو عندك خلاف أو مشكلة بينك وبين أخيك أو أختك، فبادر الآن بحلّ المشكلة والتفاهم والحوار لتصفية القلوب، وكما قيل الأخ سند والأخت هي الأمّ الثانية، قال تعالى: “سنشدّ عضدك بأخيك”، والأخت إسم آخر للحبّ، وهي قطعة من الأمّ والأب.

بقلم د. جاسم المطوع

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.