إحتضان الوالدين للأطفال يؤثّر على أدمغتهم، إذا احضن أطفالك أكثر تتطوّر أدمغتهم أكثر.
تؤكّد دراسات حديثة أنّ احتضان الوالدين لأطفالهما عامل أساسي في نموّ الأطفال نظرا لأثرها الإيجابي وطويل المدى على أدمغتهم.
لا شيء يضاهي الترابط العاطفي بينك وبين أطفالك.
هرمون الأوكسايتوسين
وبين تقرير نشرته مجلّة “سانتي بلوس” الفرنسية أنّ التواصل الجسدي، مثل العناق، يزيد من إفراز هرمون الأوكسايتوسين بالجسم، ممّا يعدّ دليلا على وجود علاقة صحّيّة بين الوالدين والطفل من جهة، ويساعد الصغار على تجنّب الإجهاد والعجز عن الاندماج اجتماعيا الذي قد يتعرّضون له بمرحلة البلوغ من جهة ثانية.
ولفتت المجلّة لضرورة تحفيز مستويات الأوكسايتوسين بالجسم من خلال إظهار الودّ والمحبّة كلّ مرّة تقبّل فيها أطفالك أو أحد أفراد أسرتك، ممّا يضمن سعادتك والمحيطين بك.
ما هو الأوكسايتوسين؟
اكتشف لأوّل مرّة سنة 1906 من قبل الباحث البريطاني هنري ديل.
ويفرز جسم الأمّ كمّيّات وفيرة من هذا الهرمون أثناء عملية الولادة، ممّا يؤدّي إلى انقباض الرحم وتحفيز إنتاج الحليب أثناء الرضاعة الطبيعية.
ويتحكّم هذا الهرمون الذي تفرزه أجسامنا في جملة من السلوكيات الاجتماعية المهمّة، على غرار قدرتنا على تطوير الروابط مع المقرّبين والتفاعل مع المحيطين بنا.
يحفّز هرمون الأوكسايتوسين إنتاج الحليب أثناء الرضاعة الطبيعية.
بعد الولادة
اكتشف الباحثون أنّه في مرحلة ما بعد الولادة، تعدّ التجارب الاجتماعية الإيجابية وروابط الأمومة العامل الرئيسي الذي يقف وراء تطوّر الطفل اجتماعيا وعاطفيا، ووفقا لدراسة ثانية، ترتبط مستويات الأوكسايتوسين لدى الآباء الذين لديهم أطفال تتراوح أعمارهم بين أربعة وستة أشهر بمدى سلامة التواصل الاجتماعي الذي يربطهم.
جزيء الحبّ
وفي دراسة أجراها المستشفى الوطني للأطفال في كولومبوس بولاية أوهايو الأميركية، فحص الباحثون 125 طفلا، من بينهم خدّج، لتحديد مدى قدرة المولود على الاستجابة جسديا عند التعرّض للمس، وأظهرت النتائج أنّ الخدّج كانوا أقلّ استجابة مقارنة بمن ولدوا بعد استكمال الأمّ فترة الحمل الطبيعية.
كما كشفت هذه التجربة أنّ الأطفال -الذين حظوا بمزيد من الاحتضان من طرف الوالدين أو موظّفي المستشفى أبدوا استجابة دماغية أقوى.
كما تساهم علامات المودّة على غرار الاحتضان في تحفيز الأوكسايتوسين أو ما يعرف بجزيء الحبّ الذي يلعب دورا مهمّا جدّا في نموّ الطفل.
أهمية الحبّ
ووفقا لإحدى الدراسات، تساعد مشاعر الحبّ والروابط الاجتماعية على إثراء تجاربنا الإنسانية، وتعزّز تطوّر الدماغ من خلال الحدّ من الشعور بالانزعاج والتوتّر.
من ناحية أخرى، يؤدّي تعرّض الشخص للصدّ أو الإقصاء إلى معاناته من مشاكل جسدية إلى جانب حدوث اضطرابات في النموّ، ممّا يعني أنّه لا ينبغي على الإنسان أن يعيش في عزلة عن المجتمع.
إذ ترتبط مستويات الأوكسايتوسين بصفة مباشرة بعامل الثقة بالنفس، الذي يعتبر ضروريا لتطوير العلاقات العاطفية والإحساس بالانتماء للمجموعة.
ارتباط الأمّ والطفل
يكتسب الحفاظ على رابط سليم بين الأمّ والطفل أهمّيّة بالغة في تحفيز إطلاق الأوكسايتوسين، ومن المرجّح أنّ بعض الحركات والعوامل، مثل الرضاعة الطبيعية و ملامسة الجلد للجلد، تساهم في زيادة مستويات الأوكسايتوسين لدى كلّ من الأمّ والرضيع، ممّا يقوّي الارتباط بين الطرفين.
وفي الواقع، ينعكس الحرمان من العاطفة سلبا على الثقة بالنفس ويؤثّر على قدرة الطفل على بناء علاقات مع الآخرين، وقد يؤدّي الإجهاد، الذي تعاني منه الأمّ أثناء فترة الحمل، إلى حدوث اضطرابات على مستوى السلوك بمرحلة البلوغ، حيث تؤثّر هذه الاضطرابات على أنظمة إفراز الأوكسايتوسين لدى الطفل.
المصدر: موقع الجزيرة عن الصحافة الفرنسية