في مقالنا هذا سنبيّن كيف أتصرّف اذا كان ولدي يتابع حسابات الملحدين.

قال: أنا منزعج من ولدي الذي يبلغ من العمر 15 عاما، لأنّه يتابع حسابات الملحدين في التويتر والفيس ومواقع النت، قلت: ما هو سبب انزعاجك ؟ قال: أخاف أن يتأثّر بهم وهو من يومين أخبرني عن أستاذه في المدرسة أنّه طرح مسألة هل الله موجود أم لا؟ وأستاذه هذا كان متحمّسا لنظرية داروين في تطوّر الإنسان ولم يذكر أنّ الله هو خالق الإنسان.

قلت له:إنّ أكثر الشباب والفتيات في سنّ المراهقة يهمّهم معرفة إجابات الأسئلة الوجودية وربما ولدك لهذا السبب يتابع حسابات الملحدين، فاحرص أنت أن تتابع الحسابات معه حتّى تعرف ما هي المعلومات التي يقرأها فتناقشه بها. 

قال: ولكنّي منعته من متابعة الحسابات هذه، قلت: وهل تعتقد أنّه امتنع عن متابعتها؟

 قال: لا أعرف، قلت: حاول أن تبني علاقتك مع ولدك على الثقة والأمانة والحوار، لأنّ في هذا الزمن لو منعت ابنك من شيء لديه ألف طريقة للوصول لهدفه.

قال: وما الحلّ ؟ قلت: لا بدّ من مواجهة الفكر بالفكر وأن تتحاور مع ولدك في الأفكار التي يقرأها أو يسألك عنها، وإذا كنت لا تعرف الإجابة على سؤاله أخبره أن تذهبا لمختصّ في الفكر الإلحادي ويتحاور ابنك معه حتّى يستفيد. 

قال: نحن لم نمرّ بمثل هذه المرحلة عندما كنّا مراهقين، قلت: لكلّ زمن تحدّياته ولكنّ المهمّ أن تكون متفهّم وتعالج المشكلة بهدوء وحوار وثقة ولا تعالجها بالضرب أو الصراخ أو بالعنف.

قال: وهل ترى أنّ أسئلة ولدي الإلحادية في محلّها ؟ قلت: الطفل يمرّ بمرحلتين يكثر من أسئلة الإيمان ووجود الله تعالى.

المرحلة الأولى من عمر 3 إلى 5 سنوات والمرحلة الثانية في سنّ المراهقة، فهذا أمر طبيعي ولكن المهمّ أن لا تهمل الإجابة على أسئلته، فقد يسأل ابنك لزيادة الاطمئنان والإيمان، وليس بالضرورة أنّه يسأل لأنّه شاكّ، وهذا ما حصل مع سيّدنا إبراهيم عليه السلام حين طلب من الله تعالى أن يريه كيف يحي الموتى ليطمئنّ قلبه: “وإذ قال إبراهيم ربّ أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهنّ إليك ثمّ اجعل على كلّ جبل منهنّ جزءا ثمّ ادعهنّ يأتينك سعيا و اعلم أنّ الله عزيز حكيم”.

وتذكر أيضا أنّ الله استجاب لحواريي عيسى عليه السلام حين طلبوا مائدة من السماء لتطمئنّ قلوبهم: “إذ قال الحواريّون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربّك أن ينزّل علينا مائدة من السماء قال اتّقوا الله إن كنتم مؤمنين. قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئنّ قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين”، فالسؤال لطلب المزيد من اليقين واطمئنان القلب ليس شكّا.

قال: إذن الموضوع طبيعي؟ قلت: نعم، ومن واجبات الوالدين أن يتحاورا مع الأبناء ويحصّنونهم إيمانيّا، من خلال تعليمهم الصلاة والصيّام والأذكار والدعاء والارتباط بالقرآن والسنّة، فاحرص أن لا تسكت ولدك، فأبناؤنا يكبرون ويتعلّمون في المدارس ويتصفّحون مواقع التواصل الاجتماعي، ويستخدمون محرّكات البحث في الإنترنت، وبالتالي ستصل إليهم أفكار الإلحاد وشبهات الملحدين شئنا أم أبينا. 

قال: والله إنّ التربية في هذا الزمن صعبة جدّا، قلت: المهمّ أن تصادق ابنك وأن تحسن تربيته وأن تحسن اختيار أصدقائه واختيار مدرسته ومعرفة المواقع والحسابات التي يتابعها حتّى تحافظ على إيمانه وعبادته.

بقلم د. جاسم المطوع

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.