نجيب هنا عن السؤال التالي: كيف يمكننا تنمية مهارات الوالدين التربوية؟

العلم يتطوّر، الآلات من حولنا تتطوّر، النظريات تتطوّر، بل الحياة بجميع أمورها تتطوّر وهذا من شأنه أن يدفعنا للتساؤل: هل مهارات تربية الأبناء أيضاً يمكن أن نطوّرها لتساير التطوّر الحادث في كلّ جوانب الحياة؟

بالتأكيد، مسلّمات وأساسيات التربية ثابتة، ولكن المهارات التربوية وطريقة التعامل مع الصغار هي التي تكون دائماً قابلة للتطوير والتحسين.

قرأنا كثيراً عن مهارات التربية كالمناقشة الهادئة مع الأطفال، أو تدريب الصغار على نشاط معيّن أو تعليم الصغار التعاون، وغيرها الكثير من المهارات التي يقترحها المتخصّصون في عالم الطفل لتربية الأبناء. 

فكثيراً ما نقرأ عن مهارات الصغار في حين نحن بحاجة أيضاً لتعلّم مهارات تربوية ونفسية تمكنّنا من تعليم المهارات للصغار.

وحتى تصبح العملية التربوية مؤثّرة وأكثر متعة علينا أن نتعلّم ونمارس مهارات تربوية جديدة بين الحين والآخر.

تحدّثنا كثيراً عن مهارات حياتية نحبّ أن ندّرب أبناءنا عليها، وموضوعنا اليوم هو المفتاح الذي يمكن أن نستخدمه لتفعيل هذه المهارات، وكيفية تطبيقها مع الأبناء، وهو ما نطلق عليه مهارات تربوية.

كيف نربي أبناءنا؟

الأبوة هي أصعب مهمّة يمكن أن نقوم بها وأكبر مسؤولية يمكن أن نتولاها. 

وبالرغم من أهمّيتها إلا أنّ الوالدين لا يتلقيّان أي تدريب مسبق قبل ممارسة دورهما نحو صغارهما، بل يلومهم الكثيرون عند أوّل خطأ يقعان فيه تجاه صغارهما.

إذا لم تثقّف نفسك تربوياً ستجد أنّك تربّي صغارك مثل والديك أو عكس الطريقة التي استخدمها والديك، وذلك حسب شعورك نحو تلك الطريقة وتجاربك معها. 

لا توجد مناهج تدرِّس تلك المهارات في المدرسة، أو شخص يرشدك قبل بداية دخولك عالم الأبوّة حتى الكتيّبات التي تستلمها من المستشفى بعد ولادة طفلك تتحدّث عن الطريقة الصحّية لإطعامه والعناية بجسده وصحّته، ولكنّها لا تذكر شيئاً عن التعامل النفسي مع الطفل وتوجيه تصرّفاته أو تعليمه مهارات مختلفة.

ومن الأمور المهمّة التي ركّز عليها المختصّون هي المهارات التربوية لدى الوالدين وعلاقتهما مع صغارهما لأنّها هي السبيل إلى تدريب الصغار على مهاراتهم الخاصّة بالطريقة الصحيحة، والاستفادة القصوى من تلك المهارات. 

والتدريب على المهارات التربوية ليس مسألة خاصّة بالوالدين اللذين يفتقران إلى أساليب التربية الصحيحة، أو اللذين لهما أبناء ذوو احتياجات خاصّة، ولكنّها لجميع أولياء الأمور الذين ينشدون الأصلح لصغارهم.

مهارات تربوية

    – اختر سلوكاً أو مهارة واحدة في كلّ فترة تحبّ أن تدرّب صغارك عليها، مثل الحوار الجيّد أو حسن الاستماع، ومارسها معهم لفترة من الزمن حتى يتمكّن الجميع منها قبل الانتقال لمهارة أخرى.

    – ليس كلّ المهارات تحتاج نفس المدّة الزمنية حتى تصبح ممارستها عادة. 

فبعض المهارات قد تحتاج تجربتها 3 مرّات والأخرى قد تحتاج أكثر من هذا، ليتمكّن الصغار من ممارستها بسهولة، مثل: مهارات الدراسة أو التوفير أو المحافظة على الطاقة أو فتح باب الحوار في الأسرة.

    – الحساسية نحو المثالية أمر غير مرغوب فيه في حالة تدريب الصغار على ممارسة مهارة أو سلوك معيّن. 

كلّ ما هو مطلوب هو بعض القراءة والبحث عن مهارات يجب أن نمارسها مع الصغار، ومن ثَمَّ ممارستها حتى تصبح عادة، ومن ثَمَّ الانتقال لمهارة أخرى. 

وليس المطلوب الوصول لحالة من المثالية في الأمور الأسرية لأنّ هذا سيعيق التقدّم نحو مهارات أخرى.

    – مارس مهاراتك الأسرية داخل المنزل في البداية بعيداً عن أعين المراقبين، فهذا من شأنه أن يمنحك بعض الراحة في الممارسة والتجربة والتعلّم من الخطأ.

    – نقطة مهمّة علينا جميعاً أن ندركها، وهي أنّه ليس هناك إستراتيجية أسرية واحدة تصلح لجميع الأسر، فالطريقة التي تصلح لأسرة قد لا تصلح لأسرة أخرى. 

فالمطلوب من كلّ مسؤول عن أسرة هو أن يستخدم ما لديه من معلومات ليضع القرار السليم لأسرته، ولأنك في كل الحالات ستجد من يقول لك: لو فعلت هذا كان أفضل.

    اختر ما تراه مناسباً لظروف أسرتك ومارسه معهم، وانعم بجوّ من المحبّة والراحة، فأنت الوحيد القادر على معرفة ما هو الأصلح لأسرتك الصغيرة.

    – من أهمّ المهارات التي يفضّل أن تتدرّب عليها هو الصبر والمزيد من الصبر وعدم اليأس. 

فالصغار والكبار يحتاجون مساحة من الوقت حتى يعيدوا برمجة تصرّفاتهم وأمور حياتهم، وأنت إذا مارست المهارات التربوية بشكل عصبي واستفزازي ستبطّئ من عملية التغيير، أو تبني عادة جديدة لدى الصغار وخاصّة المراهقين. 

تخيّل عندما تبدأ في فقد صبرك سترتفع درجة حرارة النقاش وربما تخرج كلمات غير مناسبة من كلا الطرفين، وتهتز صورة الأب القدوة، وتفقد الكثير لمجرّد أنّك لم تتحلّ بالصبر. 

تحلّ بالصبر والهدوء وستجد ثمرة صبرك وهدوئك يانعة أمامك في يوم من الأيام.

     – ستمرّ باختبار بين فترة وأخرى من قبل أبنائك ليختبروا مدى تصميمك على بعض الحدود والقوانين التي وضعتها. 

وأفضل طريقة في التعامل معهم في تلك الحالة أن تقول: “لا” وأنت تعنيها، وبعد الهدوء حاول دراسة الموقف وإعادة التقييم ومعرفة السبب الذي دفع الأبناء لمثل ذلك التصرّف مع وضع حلّ للخلاف.

    – الكتب والمجلات والمواقع التربوية تعتبر مصدراً جيّداً للمربّين ليتعرّفوا على المهارات التربوية المختلفة وأساليب التعامل مع الصغار، ولكن تأكّد من العمر المناسب للأبناء لممارسة المهارات المختلفة، كما عليك أيضاً أن تعرف ما يجب أن تتوقّعه من الطفل في كلّ مرحلة عمرية.

المصدر: مقالات

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.