نقترح عليك كوالد حلول ذكيّة لشجار الأطفال.
صراخ وضرب وشتم وبكاء بين الإخوة، وخاصّة الأطفال بالبيت، هذا ما يحدث كلّ يوم في كلّ بيت، ولكن السؤال المهمّ هو كيف نتعامل مع هذه الشجارات اليومية، حتّى لا تسبّب قلق وإزعاج للوالدين.
هذا السؤال يعرض عليّ كثيرا من الأمّهات والآباء، وفي هذا المقال سأقدّم عدّة أفكار وحلول عملية لإدارة الشجار بين الأبناء بطريقة إيجابية، ولكن مهمّ أن نعرف في البداية أنّ الشجار مفيد لو استثمرناه بطريقة إيجابية، لأنّنا نستطيع أن نعلّم الطفل كيف يضبط نفسه وقت الشجار، ويتحكّم بأعصابه فلا يغضب أو يصرخ ويكون متعاونا مع أخيه، فيفكّر في كيف يتعاون ويعالج المشاكل، بدل من الشجار فيستخدم عقله أكثر من استخدام عضلاته، حتّى لا يتحوّل الشجار إلى عداوة وكراهية وانتقام.
أمّا لو حصل الشجار، فالسؤال المهمّ هو متى نتدخّل بين الإخوة لفضّ الإشتباك والشجار.
فالأصل أن لا يتدخّل الوالدين، ولكن في حالة لو تحوّل الشجار إلى اعتداء جسدي أو ضرب يدوي، أو شتم وصراخ بصوت عال، ففي هذه الحالات، لا بدّ من التدخّل لإيقاف الشجار.
أمّا لو كان الشجار ليس فيه هذه الممنوعات، فنتركهم يتشاجرون ويتصارعون ونراقبهم من بعيد، حتّى نعوّدهم على مواجهة مشاكلهم لوحدهم.
وفي حالة التدخّل من الوالدين فينبغي أن يحافظوا على هدوئهم قدر الإمكان.
فضبط النفس أحيانا يكون صعبا، ولكن هذا هو الصواب حتّى نكون ناجحين تربويّا.
ففي كلّ بيت فيه إخوة يحدث فيه شجار وهذا أمر طبيعي، ولكن محاولة إيقاف الشجار صعب، لأنّ هناك أسباب كثيرة للشجار، منها أنّ الشجار قد يكون بدافع الغيرة بين الإخوة، وخاصّة إذا شعروا بأنّ هناك فرقا في المعاملة من الوالدين، أو قد يكون للفت نظر الوالدين ليهتمّوا بهم، لأنّهم لم يتمّ إشباعهم عاطفيّا بالكلام واللمس والحضن، وهذه مسألة أساسية لإستقرار نفسية الطفل، أو قد يكون تقليدا من الأخ الأصغر للأكبر، أو قد يكون السبب اللعب والترفيه، أو ربما لم يتعلّموا المشاركة وخاصّة إذا كان الشجار على لعبة مثلا، أو قد يكون الطفل نشأ في بيت فيه عنف أسري، ويشاهد العنف من الأب اتّجاه الأمّ، أو من الأمّ اتّجاه الأبناء فيتعلّم العنف في حياته ويكون جزء من شخصيته.
ومن الحلول الذكيّة أنّك تراقب الشجار من بعيد، حتّى تعرف من المعتدي والمخطئ، لأنّه في الغالب سيأتون يشتكون عندك، وكلّ واحد سيقدّم أدلّة تفيد ظلم الآخر له، فتكون لديك المعلومة من المعتدي وتتصرّف وقتها، وإذا لم تعرف من المعتدي استثمر هذا الشجار ليكون فرصة للتربية، على أن يقدّموا لك الحلول المستقبلية للمشكلة حتّى لا تتكرّر.
وأحرص أن توجّههم بهدوء من غير صراخ أو ضرب أو عصبية، وعاملهم بإنصاف، فلا تقف بصفّ الصغير لأنّه صغير فقد يكون هو المعتدي، ولكن قف بصفّ المظلوم ضدّ الظالم، وناقشهم بأفكارهم التي دفعتهم للشجار.ف
لو تمسّك أحدهم باللعبة وكانت هي سبب الشجار، فقل له هل من العدل أنّك تأخذ اللعبة طول اليوم، وبيّن له كيف يكون عادلا في تعامله مع أخيه، وشجّع التعاون والمحبّة بين الإخوة.
وإذا استمرّ الشجار فضع له قانونا، مثل أنّ هناك ممنوعات أثناء الشجار، منها الضرب والعضّ والرفس والشتم وهكذا.
وأمّا المسموح فالحوار والنقاش والمصارعة الجسدية، من غير التعرّض للوجه والأماكن الحسّاسة في الجسم.
ولعلّ من أهمّ الحلول أن يعطي الوالدين من وقتهم للأطفال، ويشبعونهم عاطفيّا لأنّ الإشباع العاطفي يجعل النفس مستقرّة ومطمئنّة، وإذا أردت أن تنتقد فانتقد السلوك لا الطفل، وإذا رأيت منهم تعاون فامدح هذا التعاون، حتّى تعزّز روح التعاون والمحبّة عندهم.
فهذه مجموعة حلول في التعامل مع الشجار حتّى نديره بطريقة إيجابية ونستثمره في حسن تربية الطفل.
بقلم د. جاسم المطوع