يطرح هنا الدكتور و الخبير التربوي جاسم المطوع السؤال التالي: هل تشعر بأنّك فشلت في التربية و يجيب على هذا التساؤل بشرح واف كاف.

“أريد ابني أن يكون هو الأفضل في كلّ شيء”، هذه أمنية كلّ أب وأمّ ولكن هذه الأمنية هي ضرب من الخيال ولا تتحقّق في أيّ طفل في العالم.

ولهذا حتى ننجح في التربية لابدّ أن تكون أمانينا متوافقة مع الواقع حتى نستطيع أن نربّي أبناءنا تربية صحيحة.

فأكثر الآباء يريدون أبناؤهم هم الأفضل في العلاقات والصداقات وفي العبادات والعلاقة مع الله، وفي الرياضة والسباحة وكلّ الرياضات وفي الدراسة والتعليم وفي التنظيم والترتيب والإلتزام بالمواعيد، وأن يكون نجم بين أصحابه وأن يكون مبدعا ومتميّزا ومتفوّقا.

أو يكون لدى الوالدين نقطة ضعف في طفولتهما مثل أنّهما لا يحسنان تعلّم لغة أجنبية أو غيرها فيحقّقوا أمانيهما بأبنائهما وهكذا.

إن مثل هذا النوع من التفكير والتعامل مع الأبناء يوصل الوالدين للإحباط التربوي لأنّهما لا يرون أيّ إنجاز أو نجاح يعمله الأبناء بأنّه شيئا جميلا، لأنّ دائما عندهم طموح عالي ويسعون للمثالية التربوية في كلّ شيء، فيكون عند الوالدين شعور بالفشل التربوي ويصبح عند الأبناء كره للتربية والتوجيه.

والصواب هو أن نعطي الإبن فرصة ومساحة لاكتشاف مواهبه وقدراته وأن يحقّق رغباته، فيتولّد عنده الحبّ لتطوير ذاته والاستجابة لتوجيهات والديه لأنّ التربية في هذه الطريقة صارت مشتركة ومشاركة بين الوالدين والأبناء وليس فرض وأمر من الوالدين على الأبناء.

ومن الأخطاء التربوية التي يرتكبها كثير من الآباء أنّهم يشغلون جدول أبنائهم ليل نهار ولا يتركون في الجدول فرصة للتنفّس أو الراحة أو أن يجلس الطفل مع نفسه لينمّى خياله أو يطوّر مواهبه، ونكون بهذه الحالة قد حرمناه من التعرّف على نفسه.

وخطأ آخر يقع فيه الآباء كذلك وهو أنّهم يرفعون سقف الأماني عندهم فيحكمون على الإبن بالفشل ويقارنونه بإخوانه فيحطّمون شخصيته.

فالله تعالى خلق كلّ إنسان له قدرات وإمكانيات عقلية وجسدية ونفسية محدودة، فلابد من مراعاتها عند وضع الأهداف التربوية.

فإذا رفعنا سقف التوقّعات ليكون أعلى وأكبر من إمكانية وقدرات الإبن فإنّنا نكون قد دفعناه نحو الإحباط واليأس والإنطوائية والخوف من الفشل.

صحيح أنّه من حقّ الآباء أن يشجّعوا أبناؤهم للتفوّق والنجاح والتميّز ولكن ليس في كلّ مجال وكلّ لحظة وفي كلّ مرحلة.

فأحيانا نشجّعه للتفوّق واحتلال المراكز الأولى وأحيانا نكتفي بالإنجاز البسيط وأحيانا نقبل الإنجاز المتوسّط ولا مانع أن نقبل بالإنجاز الضعيف في بعض الأحيان سواء في الأهداف الإيمانية أو الرياضية أو الدراسية أو الصحّية.

فالمهمّ أنّنا نشعر الإبن بأنّنا نحبّه وأنّنا لن نتخلّى عنه حتى لو ضعف أداؤه أو فشل في نشاط أو هواية أو مادّة دراسية.

فدورنا التربوي هو دور مساعد له لنجاحه بالحياة وفوزه في الآخرة.

فهذه القاعدة لو كانت واضحة عند الآباء فإنّهم سيحقّقون التربية المتميّزة لأبنائهم.

فإذا الله تعالى راعى قدرات البشر وإمكانياتهم في قوله ” لا يكلّف الله نفسا إلا وسعها”  فكلّ شخص له “وسع” يحاسبه الله عليه، وليسوا البشر واحد في “الوسع” يعني القدرة والإمكانية.

فكذلك نحن ينبغي أن نعامل أبنائنا وفق هذه القاعدة الربّانية التربوية، لأنّ أبنائنا ليسوا معلّبات أو تمّ صناعتهم بمصنع آلي وإنّما هم بشر لكلّ واحد منهم له مقاسه “ووسعه”.

فنحن ننمّي أبنائنا حسب مميّزاتهم الفطرية ونفرّق بالمعاملة بين من عنده ذكاء لغوي أو ذكاء فنّي أو ذكاء حركي أو ذكاء عاطفي أو ذكاء اجتماعي وهكذا.

فكلّ واحد له معاملة خاصّة تتناسب مع قدراته وإمكانياته، فإن لم نعاملهم على هذا الأساس يكن عند الوالدين إحباط تربوي.

طرح إذا هنا د. جاسم المطوع السؤال التالي: هل تشعر بأنّك فشلت في التربية و أجاب على هذا التساؤل بشرح واف كاف.

بقلم د. جاسم المطوع

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.